ولكن العلماء يقولون إن المفقود هو "المفجّر الشبح" - وهو نظام توصيل يمكنه التسلل عبر دفاعات رادار الجسم. والآن يعتقدون أن الفيروس المعدّل حديثا يمكن أن يقضي على نمو الورم لدى مرضى السرطان النقيلي.
وقال المعد الرئيسي للدراسة البروفيسور دميتري شايخميتوف، من كلية الطب بجامعة إيموري في الولايات المتحدة: "هذه طريقة جديدة لعلاج السرطانات المنتشرة. يمكن تسليحها بالجينات والبروتينات التي تحفز المناعة ضد السرطان، ويمكن تجميع غلاف الفيروس، كما لو كنت تضع مكعبات الليغو".
وتمت مناقشة أهمية الفيروسات القاتلة للسرطان، والمعروفة باسم الفيروسات الحالّة للأورام، واختبارها لعقود.
ووافقت وكالة الأغذية والعقاقير (FDA) في عام 2015 على أحد هذه الفيروسات ضد سرطان الجلد.
ويلتقط نظام الدفاع في الجسم بسرعة الفيروسات المحقونة في مجرى الدم ويرسلها إلى الكبد، وهو جهاز التخلص من الفضلات في الجسم.
والآن، وجد الباحثون طريقة لإعادة هندسة نظام توصيل الفيروس، بحيث لا يتم التقاط الفيروس بسهولة بواسطة أجزاء من الجهاز المناعي. وهذا يجعل من الممكن حقن الفيروس في الدم دون التسبب في حدوث تفاعل التهابي شديد.
وقال البروفيسور شايخميتوف: "الجهاز المناعي الفطري فعال للغاية في إرسال الفيروسات إلى الكبد عندما يتم إعطاؤها وريديا. لهذا السبب، يتم نقل معظم فيروسات الأورام مباشرة إلى الورم، دون التأثير على النقائل. وفي المقابل، نعتقد أنه سيكون من الممكن إيصال فيروسنا المعدل بشكل منهجي بجرعات عالية بما يكفي لقمع نمو الورم - دون التسبب في حدوث تسمم شامل يهدد الحياة".
وتتضمن الدراسة هيكلا لنظام التوصيل المعاد هندسته، وقدرة الفيروس على القضاء على الأورام المنتشرة لدى الفئران.
وركز العلماء على إعادة هندسة Adenovirus، وهو نظام توصيل استُخدم في عشرات التجارب السريرية للسرطان، لتحفيز استجابة المضيف المضاد للورم.
وكانت الفيروسات الغدية أيضا مركزية في دراسات العلاج الجيني.
ويتذكر شايخميتوف وفاة جيسي غيلسنغر خلال تجربة إكلينيكية للعلاج الجيني عام 1999.
وتوفيت المتطوعة بسبب عاصفة خلوية وفشل متعدد الأعضاء مرتبط بجرعات عالية من ناقل فيروسات غدية، يتم توصيلها إلى مجرى الدم.
وقال شايخميتوف: "هذا الحدث ألهمني لإعادة تجهيز الفيروس الغدي، بحيث لا يتسبب في رد فعل التهابي قوي". إنه ينظر إلى الفيروس الغدي المعاد هندسته باعتباره تقنية منصة، يمكن تكييفها وتخصيصها للعديد من أنواع السرطان، وحتى لمرضى السرطان الأفراد كشكل من أشكال علاج السرطان.
وبدأ شايخميتوف العمل على تقنية الفيروسات المعدلة أثناء وجوده في جامعة واشنطن وأسس شركة، AdCure Bio، لتقديم علاج يحتمل أن ينقذ حياة المرضى الذين يعانون من الأمراض المنتشرة.
وفي عام 2012، نشر بحثا حول كيفية تفاعل الفيروس الغدي مع عامل مضيف واحد في الدم، وهو عامل التخثر X، في Science.
وقالت البروفيسور فيبي ستيوارت، معدة الدراسة المشاركة، من جامعة كيس ويسترن ريزيرف في كليفلاند بولاية أوهايو: "في بعض الأحيان، حتى التغييرات الصغيرة في البروتينات الهيكلية يمكن أن تكون كارثية وتمنع تجمع الفيروس المعدي. وفي هذه الحالة، قمنا بتعديل الفيروسات الغدية في ثلاثة أماكن لتقليل تفاعلات الفيروس مع عوامل الدم المحددة. ووجدنا أن الفيروس ما يزال يتجمع ويظل فعالا لإصابة وقتل الخلايا السرطانية".
وما يزال من الممكن أن تتطور استجابة مناعية تكيفية أبطأ للفيروس المعدل، على غرار ما لوحظ في اللقاح.
ويقول الباحثون إنه يمكن استخدام مجموعة من الفيروسات بين مرضى السرطان، لتوسيع نطاق الفوائد العلاجية.
وقال شايخميتوف: "دراستنا هي الأولى التي تظهر أنه يمكننا تعديل ارتباط IgM الطبيعي بالفيروس الغدي. أدخلنا طفرات تمنع تعطيل الفيروس في مجرى الدم واحتجازه في الضامة الكبدية، وهي أكبر تجمع للخلايا المناعية في أجسامنا التي تحاصر وتدمر مسببات الأمراض. وحتى الآن، كان الرأي السائد هو أن أي بنية متكررة منتظمة، مثل غلاف الفيروس، من شأنها أن تجتذب ارتباطا منخفضا بالأجسام المضادة IgM الطبيعية، ما يؤدي إلى تعطيلها الفوري وإزالتها من الدم".
واستبدل الباحثون أيضا جزءا من الفيروس الغدي الذي يتفاعل مع الإنتغرينز الخلوية البشرية (بروتينات غشائية مدمجة في الغشاء البلاسمي للخلايا الحية)، واستبدلوا تسلسلا من بروتين بشري آخر يستهدف الخلايا السرطانية بالفيروس.
وعندما حقنت في الفئران، تسببت الجرعات العالية من الفيروس الغدي القياسي في تلف الكبد والموت في غضون أيام قليلة، لكن الفيروس المعدل لم يفعل.
ويمكن للفيروس المعدل أن يقضي على الأورام المنتشرة من بعض ولكن ليس كل الفئران المغروسة بخلايا سرطان الرئة البشرية.
ولوحظت استجابة كاملة في حوالي خمسة وثلاثين بالمائة من الحيوانات. ووجد العلماء أن مواقع الورم في الرئة تحولت إلى نسيج ندبي.
والآن، يستكشف مختبر البروفيسور شايخميتوف طرقا لزيادة نسبة الاستجابة الكاملة.
ونُشرت النتائج في مجلة Science Translational Medicine.
المصدر: ميرور