ووجدت دراسة سابقة أن احتمال وفاة الرجال بسبب فيروس كورونا تزيد بنحو ضعفين، ولكن الأطباء لم يتمكنوا من تحديد سبب ذلك.
إلا أن دراسة في مستشفى ألماني شملت 45 مريضا بـ"كوفيد 19"، دخلوا العناية المركزة، تكشف أن هرمون التستوستيرون الذكري يمكن أن يلعب دورا رئيسيا.
ومن المعروف أن الهرمون يساعد في تنظيم الاستجابة المناعية للجسم، ولكن عندما يكون لدى الرجل مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون، لا يتم التحكم في الجهاز المناعي ويمكن أن يخرج عن السيطرة بعد الإصابة بالعدوى. وهذا يؤدي إلى ما يسمى بعاصفة السيتوكين، والتي تحدث عندما يخرج الجهاز المناعي عن السيطرة أثناء محاولته التصدي للعامل الممرض. ويبدأ في إتلاف الجسم نفسه، وإذا ترك دون رادع، يمكن أن يكون قاتلا.
وقيّم الباحثون أول 45 مريضا بفيروس كورونا، تم قبولهم في وحدة العناية المركزة في المركز الطبي الجامعي في هامبورغ-إيبندورف. وكان هناك 35 من الرجال و10 نساء، واحتاج 7 مرضى إلى الأكسجين، و33 منهم بحاجة إلى التهوية. وتوفي 9 رجال و3 نساء.
وقيّمت مستويات الهرمونات لكل مريض في اليوم الأول في وحدة العناية المركزة، قبل أن يتلقوا أي إجراءات جراحية. واختُبرت عينات من مرضى "كوفيد 19" لـ 12 هرمونا، بما في ذلك هرمون التستوستيرون وديهدروتستوسترون.
ويلعب التستوستيرون دورا مهما بشكل خاص في مناعة الرجال، لأنه هرمون الجنس الرئيسي للذكور.
ومن بين مرضى "كوفيد 19" الذكور الذين تم إرسالهم إلى وحدة العناية المركزة في المستشفى الألماني، سجل أكثر من الثلثين (68.6%) مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون.
وفي المقابل، فإن غالبية المرضى من الإناث (60%) لديهن مستويات مرتفعة من هرمون التستوستيرون.
وفي حين أن المستويات المنخفضة من هرمون التستوستيرون لا تستطيع التحكم في الاستجابة المناعية لدى الرجال، وجدت الدراسة أنه لدى مريضات "كوفيد 19" الإناث، رُبطت مستويات هرمون التستوستيرون الأعلى باستجابة التهابية أكثر أهمية.
وقال البروفيسور غولسا غابرييل، من معهد لايبنيز للفيروسات التجريبية في هامبورغ، الذي شارك في الدراسة: "غالبية مرضى "كوفيد 19" من الذكور لديهم مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون. ومن بين المرضى الذكور الذين توفوا، كان لدى الغالبية أيضا مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون. وبالتالي، يبدو أن انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال هو عامل خطر لحدوث نتائج مرضية شديدة وقاتلة لدى الرجال، عند الإصابة بما يسمى فيروسات الجهاز التنفسي".
ويحفز SARS-CoV-2 جسم الإنسان على إنتاج كميات هائلة من السيتوكينات والمواد الكيميائية، التي تتدفق إلى موقع العدوى وتبدأ في محاربة العامل الممرض. ويمكنها أيضا إرسال إشارة للجسم لإرسال المزيد من الخلايا المناعية لشن دفاع ضد الفيروسات. إنه جزء أساسي من الشفاء عند البشر، ولكن المشكلة الشائعة للمرضى الذين تم تشخيصهم بـ "كوفيد 19"، هي أن نظامهم المناعي يستجيب بقوة، ما يمكن أن يؤدي إلى حالة مفرطة الالتهاب بحد ذاتها، وتلف شديد في الرئة ومتلازمة الضائقة التنفسية الحادة (ARDS) والوفاة.
ويقول الأطباء في دراستهم، التي لم تخضع بعد لمراجعة الأقران والتدقيق من قبل الأكاديميين المستقلين: "مع استمرار إصابة SARS-CoV-2 البشر في جميع أنحاء العالم، تم الإبلاغ مرارا وتكرارا عن أن الرجال الذين يعانون من "كوفيد 19" معرضون لخطر أعلى لتطوير مضاعفات شديدة وحتى مميتة مقارنة بالنساء، بغض النظر عن العمر. وهكذا، أصبح من الأهمية بمكان فهم سبب احتمالية وفاة الرجال بسبب كورونا أكثر من النساء".
وتعتمد الدراسة الأخيرة على بحث منفصل، شارك فيه البروفيسور غابرييل أيضا، وجد أن الرجال أكثر عرضة للوفاة بعد إصابتهم بإنفلونزا الطيور A (H7N9).
ويقول البروفيسور غابرييل: "الفرضية الحالية هي أن "عاصفة السيتوكين" تمنع توليف الستيرويد، ما يؤدي إلى انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال".
المصدر: ديلي ميل