وكان يُعتقد أن الرجل الذي دُفن فيه كان حاكما شابا عاش في شبه الجزيرة الأيبيرية خلال العصر النحاسي من 2900 إلى 2650 قبل الميلاد. اتضح ذلك من خلال ثراء الدفن ومجموعة متنوعة من العناصر العاجية، وبينها خنجر بلوري بمقبض مصنوع من العاج ، وأنياب كاملة من الفيلة الأفريقية التي كانت تحظى آنذاك بتقدير عال جدا.
لكن تبين فيما بعد أن المدافن الفاخرة في إسبانيا من العصر النحاسي، والتي اعتبرت أولا للرجال كانت في الواقع تابعة للنساء.
وأجرى علماء الأنثروبولوجيا من جامعة إشبيلية وزملاؤهم النمساويون تحليلا جينيا للرفات، فتوصلوا إلى استنتاج مفاده أنهم إناث، لأنه تم العثور على البروتينات الأنثوية فقط في مينا أسنان "الشاب العاجي" والتي يتحمل المسؤولية عن إنتاجها جين AMELX الموجود في كروموسوم X الأنثوي.
وهكذا، اتضح أن "الشاب العاجي" هو في حقيقة الأمر "السيدة العاجية" (Ivory Lady)، وكان عمرها 25 عاما ولم يُبلغ العلماء ما سبب وفاتها.
يشار إلى أنه تم اكتشاف 25 قبرا آخر على بعد 100 متر من" السيدة العاجية" وتبين أنها كلها لنساء غنيات جدا بشفرات ذهبية ورؤوس سهام من الكريستال وحبات كهرمان يعود تاريخها إلى أعوام 2875-2635 قبل الميلاد.
وإن التكريم الواضح الذي دُفنت به المتوفيات يوحي بأنهن كُن قائدات عصرهن. أي أن النظام الأمومي ساد في العصر النحاسي. وعلى الأقل في إسبانيا.
والباحثون على يقين بأن "السيدة العاجية" وقائدات أخريات شغلن مناصب عليا غير متاحة للرجال. ولم يرثنها، بل حققنها بشكل مستقل بفضل جاذبيتهن ونشاطهن.
أي أن النساء في أوروبا القديمة، على ما يبدو، تميّزن بالذكاء والذكاء السريع. فإلى إين ذهب كل هذا الآن؟
كيف يؤثر الجوع على الدماغ؟ ماذا يحدث له بنتيجة نقص المغذيات؟ - حيّر العلماء من المركز الطبي بجامعة بيتسبرغ أنفسهم بأسئلة كهذه. ووجدوا أن أدمغة الذكور والإناث تتفاعل بشكل مختلف.
وبالفعل بعد 24 ساعة من الجوع تنخفض في دماغ الذكر القدرة على التنفس الخلوي بشكل كارثي، أي بنسبة 70%، أو، بالاحرى، أن الخلايا العصبية الذكرية تأكل نفسها، ما لا يمكن قوله عن الجنس الآخر.
وتوصل العلماء إلى استنتاج مفاده أن المرأة تتحمل المصاعب بسهولة أكبر.
وأعاد العلماء إلى الأذهان أن نقصا في الغذاء كان أسلافنا القدماء يواجهونه بانتظام، وكان الرجال ضعفاء وسخفاء. وغالبا ما كانوا يتخذون خطوات حمقاء ويُقتلون في كثير من الأحيان. وكان عبء اتخاذ القرار في بعض الأحيان على عاتق المرأة. وبعد أن أصبحن فجأة أذكى من الرجال، حصلن على السلطة، ما ساهم في نهاية المطاف في ازدهار المجتمع.
المصدر: روسيسكايا غازيتا