مباشر

آريا.. تعارف بدأ بأغنية الأموات

تابعوا RT على
أحيت فرقة "آريا"، إحدى أقدم وأشهر فرق الروك في روسيا، حفلا في قاعة "كروكوس سيتي هول"، قدمت فيه أغانيها بتوزيع موسيقي متميز بقيادة المايسترو السويدي أولف فادينبراندت.

لا بد من الإشارة أولا إلى أن أداء الأوركسترا بقيادة فادينبراندت في هذه المرة بدا مختلفا تماما عن آخر مرة شاهدت فيها حفلا موسيقيا بمشاركته.. وكان مكرسا لأعمال Queen وABBA.. إذ كان الأداء في هذه المرة أكثر تنوعا، كما سمح المايسترو لنفسه بهامش أكبر مهّد لإظهار براعته.

تأسست فرقة "آريا" في ذروة فترة التغييرات التي شهدتها روسيا السوفيتية في القرن الماضي، فترة سياسة البيريسترويكا (إعادة البناء)، عام 1985، لتكون إحدى أولى المجموعات الموسيقية في البلاد، التي وضعت حجر الأساس لهذا الفن، غير المألوف آنذاك في روسيا، وواصلت نشاطها بنجاح باهر جعلها ضمن أوائل فرق الروك شهرة في روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق.

تقدم "آريا" أغانيها في قالب موسيقي يحمل في مشهده الخارجي مظاهر تبدو أقرب للعنف، لما فيها من صخب وضجيج، وهو ما ينسجم مع الاسم الذي يُطلق على هذا النوع من الموسيقى الهارد روك "hard rock".

إلا أن كلمات الكثير من أغاني الروك تعكس في جوهرها تأملات فلسفية تتناول الحياة والموت والدين.. وأغان تتحدث عن الحياة في العالم الآخر كما في أغنية "هناك في الأعالي" للشاعرة مارغاريتا بوشكينا.

ولا عجب أن تسمع في كلمات أغنية "الدم مقابل الدم"، للشاعرة بوشكينا أيضا، وصفا لحال حاكم يهودا الروماني بيلاطس البنطي، الذي أصدر حكمه بصلب السيد المسيح.. "المدينة العتيقة أورشليم تهيمن عليك حتى أنك متأهب لتهرع عائدا إلى روما.. لقد أنهكتك هذه الوجوه والأرض الغريبة المراوغة".

وقد لا يكون منظرا غريبا أبدا أن ترى أحدهم يستمع إلى أغنية روك وقد بدت على وجهه علامات التأثر الشديد أو التفكير بعمق لما لامسته من مشاعر قلبية ولما تطرحه أغاني "آريا" من تساؤلات وجودية.. ما يجعل من المنطقي أن يُطلق على هذه الأغاني اسم heart rock (الروك الوجداني) أيضا.

كان حفل "آريا" معبقا بنفحة تشاؤم، ظهرت جليّة بمجموعة الأغاني التي تم اختيارها للأداء في هذا الحفل، علاوة على الصور المرافقة للأغاني على شاشة في خلفية المنصة، حيث ظهرت صور عن الحرب ولمساجد محطمة. وإمعانا في التشاؤم، أدت الفرقة أغنية "إرهاب" مرفقة بصورة لجماجم على خلفية حمراء.. ربما تعبر عن روح الحقبة الدموية التي تعانيها البشرية.. ما أفقد هذا اللون معناه الأول في روسيا الذي يعتبر رمزا للجمال.. ومن هنا الساحة الحمراء.

ثمة أغنية هي بطاقة التعريف بـ "آريا" بالنسبة للكثيرين، وذلك لأن مؤديها هو فاليري كيبيلوف، أحد الأعمدة المؤسسين للفرقة، والذي ظل أحد أعضائها حتى عام 2002، ومؤلفة كلماتها هي مارغريتا بوشكينا، علما أن كيبيلوف ألّف لحنها وأداها في عمل منفصل عن "آريا".. وهي أغنية "لقد تحررت".

تبدو كلمات الأغنية وكأنها لسان حال شخص فارق الحياة ويصف الأحاسيس التي تنتابه في حُلّته الجديدة، ليعيد اسم الأغنية إلى الأذهان تلك العبارة التي نُقشت على قبر الأديب اليوناني الأشهر نيكوس كازانتزاكيس.. "لا آمل في أي شيء، لا أخشى أي شيء.. أنا حر".

الكلمات أدناه ليست ترجمة للأغنية وإنما نقل معانيها لاستشعار الأجواء التي تضع من يستمع إليها فيها..

السكون يخيم فوقي.. المطر يملأ السماء.. والقطرات تخترقني.. ولكن لم يعد هناك ألم..

وبهمس النجوم الخافت والقارس.. أحرقنا الجسر الأخير.. فانهار كل شيء إلى الهاوية.. سأصبح طليقا الآن.. من الشر ومن الخير.. كانت روحي على حافة سكين..

كنت أقدر أن أكون لك.. كنت أقدر أن أنسى كل شيء.. كنت أقدر أن أعشقك ولكن كل هذا مجرد لعبة..

في ضجيج الرياح خلف ظهري.. سأنسى صوتك وذاك الحب الدنيوي الذي حولنا إلى رماد.. كنت أفقد صوابي ولكن لم يعد لك مكان في روحي..

لقد تحررت، كالطائر في عنان السماء.. تحررت ونسيت معنى الخوف.. لقد تحررت أنا والرياح العاتية ندّا لند.. لقد تحررت، في الحياة وليس في الأحلام..

السكون يخيم فوقي.. السماء ملأى بالنيران.. النور ينفذ خلال جسدي وأنا طليق من جديد..

تحررت من الحب.. من البغضاء والأساطير.. من القضاء والقدر.. تحررت من أغلال الأرض ومن الخير والشر.. لم يعد لك في روحي مكان..

لقد تحررت، كالطائر في عنان السماء.. تحررت ونسيت معنى الخوف.. لقد تحررت أنا والرياح العاتية ندّا لند.. لقد تحررت، في الحياة وليس في الأحلام...

علاء عمر

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا