مباشر

غيرشوين.. جاء، أبدع، رحل...

تابعوا RT على
قد لا يكون اسمه معروفا بالنسبة للقارئ العربي، ولكن ألحانه تصدح بين حين وآخر في مختلف الإذاعات والبرامج التلفزيونية والأعمال السينمائية.. ما يضعه في مصاف المشاهير غير ذائعي الصيت.

هو الموسيقار، عازف البيانو الأمريكي جورج غيرشوين، سليل عائلة غيرشوفيتش اليهودية التي تعود أصولها إلى مدينة سانت بطرسبورغ في روسيا.

ولد الفنان عام 1898 في بروكلين - نيويورك التي شهدت أولى إبداعاته النور فيها. ألّف غيرشوين موسيقى البلوز والجاز وكتب الأوبرا وقدم الميوزيكال (المسرحيات الموسيقية) على خشبة أحد أهم المسارح في أمريكا والعالم الـ "برودواي"، بالإضافة إلى تأليفه الموسيقى التصويرية لأفلام روائية والأغاني التي أداها ألمع نجوم عصره.

قدمت أوركسترا روسيا الفلهارومنية مجموعة من ألحان جورج غيرشوين في "بيت الموسيقى" بموسكو مؤخرا، وتجدر الإشارة هنا إلى أن "بيت الموسيقى" يتمتع بهندسة معمارية تعكس الترددات الصوتية على نحو رائع، وهو عنصر مهم في عزف ألحان غيرشوين التي تمتزج فيها الآلات الوترية والنحاسية في تناغم مثالي، فتتماهى أصواتها في صدى يتلاشى تدريجيا ليعطي اللحن رونقا استثنائيا.

بكل تأكيد، يعرف الكثير من متابعي التلفزيون السوفيتي والروسي لاحقا ألحان جورج غيرشوين، إذ كانت مكونا للصوت والصورة في برنامج "ماذا؟ أين؟ متى؟"، ورفيقا دائما لهذا البرنامج التثقيفي، الذي سرعان ما يتبادر إلى الذاكرة ما أن تسمع أحد أشهر ألحان الموسيقار الأمريكي والعكس صحيح.

الملفت أن الآلات الوترية في الأوركسترا الفيلهارموني كانت بين أنامل أنثوية، فيما كانت آلات النفخ الخشبية والنحاسية بين أيدي عازفين، بدا وكأنهم جميعا يؤدون لحنا ارتجاليا على النسق نفسه، وينهلون من مصدر إلهام واحد جاء إلى قاعة موسيقية لينثر فيها تلك الإضاءة الخافتة التي تُضفي جوا خاصا بوجود جمهور يشاركك ذكرياتك، فتشعر وكأنك تجلس في بيتك وتستمتع بألحان قد ألفتها ولكنها لا تزال معبقة بروح الغموض، في مؤانسة وود مع ضيوف لطفاء.. تكتفي بألا يجمعك بهم سوى الشغف بموسيقى من نوع آخر.

يصعب القول إن ألحان جورج غيرشوين وطريقة توزيعها تذكّر من يسمعها بموسيقار آخر سوى جورج غيرشوين.. وقد يكون مواطنه سويدي الأصل، ليروي أندرسن، هو أحد القلائل ممن يتبادرون إلى الأذهان عند الاستماع إلى مقطوعة موسيقية من إبداعات غيرشوين، لبعض التشابه في الأسلوب بين المؤلفين الكبيرين.

لم يمهل القدر جورج غيرشوين عمرا مديدا، إذ فارق الموسيقار العبقري عالمنا وهو في الـ 38 من عمره، إلا أن هذا القدر منحه هبة جعلت حياته مفعمة بإبداع يحسده عليه من عاش طويلا.. ولم يمنح نفسه فرصة التفكير في أنه هو أيضا قادر على العطاء.

علاء عمر

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا