افتتح الأمسية الدكتور أسامة السروي المستشار الثقافي ومدير مكتب البعثة التعليمية المصرية في روسيا، حيث تزامنت الفعالية مع مرور عام على تأسيس نادي الاستشراق.
وأدارت الأمسية الباحثة، المستشرقة الروسية آنا بيليكوفا، وتحدث فيها الناقد الفني علاء عمر عن الحالة السائدة على الساحة الفنية العربية، مسلطا الضوء على الموسيقى في العالم العربي ومدى التأثير المتبادل بينها وبين غيرها من أنماط الموسيقى خارجه.
تحدث عمر أولا عن الدور المحوري الذي لعبه الفن المصري، الذي ظل مهمينا على الساحة الفنية العربية لعقود، حتى ساهم انتشار الفضائيات العربية في تشجيع نشر الفن العربي بشكل عام، الأمر الذي حدّ من "الاحتكار المصري".
كما أشار علاء عمر الذي يداوم على نشر مقالاته النقدية للحركة الموسيقية والفنية في موسكو خصيصا لموقع روسيا اليوم، إلى تراجع اهتمام المتلقي العربي بالمكوّن الرئيس للأغنية العربية مثل اللحن والمقام والإيقاع وصوت المؤدي والكلمة، على حساب الشكل "الإخراجي اللامع" للمنتج الفني (الفيديو كليب مثالا)، لتتوارى الأغنية خلف أقنعة واهية ووهمية من إبهار الفيديو على حساب المضمون الأساسي للأغنية العربية.
كذلك تناول الناقد البارز تأثير المشهد الموسيقي العالمي على الفنانين العرب، الذين سعوا باستمرار إلى مشاركة فنانين مشهورين عالميا طلبا لمشاهدات أكثر وانتشار عالمي أوسع، ومن بين تلك الثنائيات: تامر حسني وسنوب دوغ، الشاب مامي وستينغ، كاظم الساهر وسارا برايتمان وغيرهم.
كما ألقى عمر الضوء على تأثير الغرب، ممثلا في تحويل الموسيقى والمواهب بالكامل إلى سلعة تدر أرباحا هائلة من خلال العلامات التجارية لبرامج اكتشاف المواهب واستنساخها محليا. لكنه أضاف أيضا أن تلك البرامج، وعلى الرغم من تأثيرها ذلك، إلا أنها أسهمت أحيانا في اكتشاف فنانين ذوي مواهب استثنائية تمكنوا فيما بعد من شق مسيرتهم الفنية باقتدار، مثل الفلسطيني محمد عسّاف، الذي أدى في إحدى هذه المسابقات واحدة من أجمل أغاني الفنان الليبي الراحل محمد حسن، ليعرّفنا بفنه الجميل ويعرّف كافة المتابعين للبرنامج بتلك الصفحة الرائعة من الفن الليبي.
ثم عاد عمر بالتاريخ ليروي لنا أحداث مسابقة الـ "يوروفيجن" التي شاركت فيها الفنانة المغربية سميرة سعيد، في أول حضور عربي عام 1980، كما أشار إلى السويدي - الفلسطيني إيريك سعادة الذي حلّ ثالثا في عام 2001، والسويدية - المغربية لورين التي جلبت لبلادها المركز الأول للمرة الخامسة في تاريخ السويد من إجمالي 6 مراكز أولى.
وتحدث الناقد عن المرة الثانية التي كانت اللغة العربية فيها حاضرة في هذه المسابقة الدولية في العاصمة الروسية موسكو عام 2009، حينما أدت الفنانة الإسرائيلية ميرا عوض، بمشاركة مواطنتها أحينوعام نيني، أغنية There Must Be Another Way باللغات العربية والعبرية والإنكليزية.
من جانبهم، عرض بعض المشاركين أفكارا حول الوجود الموسيقي العربي في الغرب الذي تمتد جذوره إلى أغنية "مصطفى يا مصطفى" التي اشتهرت في أوروبا انطلاقا من فرنسا، بعد أن أداها الفنان بوب عزام، وكذلك العديد من أغاني الفنانة المصرية داليدا، أشهرها أغنية سيد درويش "سالمة يا سلامة". وكذلك انتشر عدد من الأغاني العربية (للجزائريان الشاب خالد وسعاد ماسي) انطلاقا من فرنسا أيضا.
كما تحدث علاء عمر عن أحد المسلسلات البرازيلية التي عُرضت على شاشة التلفزيون الروسي عام 2005، والتي تعرف من خلالها المشاهد الروسي على أغاني الفنان المصري عمرو دياب، حيث قُدمت فيه أكثر أعمال المغني العربي شُهرة في حينه.
وتطرق عمر إلى تأثير الفن العربي على الفن في الغرب، وذلك بتأليف مقطوعات موسيقية تحاكي النمط الموسيقي العربي، منها أغنية sandstorm للفرقة الإيطالية la bionda، وعمل الموسيقار الأمريكي آلان مينكين مؤلف موسيقى فيلم الكارتون "علاء الدين"، وكذلك الموسيقى التصويرية لفيلم "لورنس العرب" للفرنسي موريس جار و"كارافان" للبريطاني مايك بات.
ولم يقتصر الاهتمام بالنمط الموسيقي العربي على التأليف فحسب، وإنما شمل كذلك توزيع أعمال موسيقية أبدعها كبار الملحنين العرب، مثل توزيع أوركسترا الفرنسي فرانك بورسيل لألحان فريد الأطرش، وكذلك توزيع أوركسترالي بأداء الموسيقار البريطاني رون غودين في ألبوم كامل من ألحان الأخوين رحباني.
وبالحديث عن الرحابنة، أشار علاء عمر إلى تعريب الأخوان رحباني (عاصي ومنصور) لألحان ذات شهرة عالمية، كالسيمفونية 40 لموتسارت والتي غنتها فيروز "يا أنا"، وكذلك أغنية الموسيقار الروسي ليو كنيبر "بوليوشكو بولي" المعروفة عربيا بأغنية "كانوا الخيّالة" وأغنية "العالم إلنا"، وهي لحن الفالس رقم 2 من إبداعات المؤلف الموسيقي السوفيتي دميتري شوستاكوفيتش.
ثم تحدث الناقد الفني عن الموسيقى التصويرية للأفلام والمسلسلات العربية، والتي اشتهر بها فؤاد الظاهري وعلي إسماعيل وعمر خيرت وياسر عبد الرحمن وعمّار الشريعي.
اختتمت الفعالية بتعقيب من الموسيقي الفلسطيني باسم الأشقر، ثم قدم فقرة موسيقية على آلة العود، في حضور مجموعة من المثقفين العرب والروس من المهتمين بالموسيقى العربية.
محمد صالح