ولعل وفاة جمال عبد الناصر كانت أهم مؤشر على مكانته في قلوب الملايين، فقد ودعه شعبه وشعوب أخرى بعيدة في جنازة فريدة لم تتأت لأحد بعده.
والأهم أن عبد الناصر بقي بمثابة ضمير للأمة أو على الأقل لشرائح واسعة منها، ولعل أكبر دليل على عمق إحساس البسطاء والمبدعين ما صاغه الشاعر الشعبي المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي الذي عانى من سجون تلك الحقبة، ولم يكن ناصريا لكنه عرف قدر عبد الناصر وأعطاه حقه كاملا بعد وفاته في قصيدة اختزلت موقف الجموع منه، الأمر الذي لم يحظ به أي زعيم عربي لا قبله ولا بعده.
وعلى أي حال، يظل الجدل دائرا حول شخصية جمال عبد الناصر، ويبقى الناس منقسمين حوله بين مناصر ومعاد، لكن الرجل كان ولا يزال الأقرب إلى عواطف الجماهير وإحساس المثقفين، فقد صنع الكثير للفقراء في خضم معارك لا تنتهي وظروف دولية وإقليمية معقدة.
اللافت أنه كلما مضي الزمن قدما، ازداد لمعان هذا الزعيم الكبير، وسقطت الوحول التي استمات خصومه على إلقائها عليه لتشويهه والحط منه.
المصدر: RT