وكتبت صحيفة "أرغومنتي أي فاكتي" الخميس 2 مارس/آذار تقول، إن وزارة المالية الروسية أعلنت قبل أيام عن تسديد 60،6 مليون دولار من الديون السوفيتية ليوغسلافيا السابقة، فيما حصلت مقدونيا على نفس المبلغ مطلع فبراير/ شباط الماضي. وأكد بنك روسيا المركزي أن ديون البلاد الخارجية حتى مطلع يناير/كانون ثاني العام 2017 بلغت 519 مليار دولار، نحو 470 مليار منها ديون مترتبة على الشركات التجارية والقطاع الخاص، و49 مليارا هي ديون حكومية، ومنها آخر مليار من ديون الإتحاد السوفيتي.
وذكّرت الصحيفة بأن الاتحاد السوفيتي لم يلجأ للاستدانة من الغرب إلا في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وذلك من أجل تمويل استيراد المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، التي كانت البلاد تعاني من نقص حاد فيها.
ووفقا لسيرغي ستورتشاك، نائب وزير المالية الروسي، ارتفع الدين الخارجي العام للاتحاد السوفياتي في الفترة من سنة 1985 الى 1991 من 31 الى 96،6 مليار دولار أمريكي أخذت روسيا على عاتقها تسديد 61،34% منه بعد انفراط عقد الدولة الاتحادية عام 1991، على أن تسدد باقي دول الاتحاد الأخرى النسبة المتبقية، غير أنه وبعد فترة قصيرة تبّين أن هذه الدول غير قادرة على سداد هذه الديون، فعادت موسكو لتلتزم بتسديدها عام 1993 مقابل استنكاف دول الاتحاد الأخرى عن المطالبة بتقاسم الأصول الخارجية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية.
ديون الاتحاد السوفيتي، كانت معظمها متوجبة التسديد لأندية باريس ولندن للدائنين. الأول - هو منظمة غير رسمية للدول الدائنة، والثاني - منظمة غير رسمية أيضا تجمع بين البنوك التجارية الدائنة. والغرض من هذه الهياكل هو تنظيم المسائل المتعلقة بسداد الديون. (كانت ديون الاتحاد السوفيتي إلى البلدان الأعضاء فيها حول 38 مليار دولار.) المفاوضات مع نادي باريس تمت على عدة مراحل، تمكنت روسيا خلالها من تأخير تسديد بعض الديون وإعادة هيكلتها، وأخذ قروض جديدة. وفي عام 2006، تمكنت موسكو من سداد جميع التزاماتها تجاه نادي باريس، على الرغم من أنه كان بإمكانها وفقا للاتفاق معه، أن تستمر بالتسديد حتى عام 2020.
وتجاوزت التزامات روسيا لنادي لندن 30 مليار دولار، بعد إعادة هيكلة الديون أيضا. وتم تسديدها والوصول الى النقطة النهائية في حل قضايا هذه الديون مع نادي لندن للدائنين في عام 2009.
بالإضافة إلى "نوادي"الدائنين، كان الاتحاد السوفييتي مدينا على سبيل المثال، بعدم دفع بدلات خدمات وعقود وقعت عليها منظمات التجارة الخارجية السوفيتية مع موردين أجانب. أو مع الدول الأعضاء السابقين في مجلس التعاضد الاقتصادي، وهذه الديون نشأت نتيجة لنظام حسابات تبادل عيني بين الدول والمؤسسات.
لذلك، نشأت ديون يوغوسلافيا السابقة(التي سيتم تسديد جزء منها للبوسنة والهرسك) بسبب الاختلاف في حجم الشحنات المتبادلة: الاتحاد السوفيتي كان يصدر منتجات دفاعية وعسكرية ليوغوسلافيا ويبادلها بسلع استهلاكية.
وقال الخبير الاقتصادي ياروسلاف ليسوفوليك، كبير الاقتصاديين في بنك التنمية الأوراسي، والأستاذ بقسم الاقتصاد العالمي في أكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الروسية للصحيفة، إن مسارعة روسيا إلى تسديد ديونها قبل مواعيد استحقاقها، لم يوفر عليها عمولة خدمة الديون وحسب، بل حسن صورة الاقتصاد الروسي، التي يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على مناخ الاستثمار في البلاد بشكل عام.
ولاحظ "أنه بالمقارنة مع الدول المتقدمة، فإن الدين الخارجي لروسيا منخفض جدا. فإذا كانت ديون الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تتجاوز حتى 90-100٪ من ناتجها المحلي الإجمالي، فإنها في روسيا لا تتعدى 25٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وهذا يعني أن عبء هذه الديون على الميزانية العامة ضئيل جدا ".
وعلاوة على ذلك، فإن روسيا التي تحولت من دولة مدينة الى دائنة، صارت تمنح قروضا بشروط ميسرة جدا. وعلى مدى السنوات الـ 20 الماضية، قامت بشطب ديون لها تبلغ قيمتها نحو 140 مليار دولار أكثرها ناتج عن توريد أسلحة ومعدات دفاعية.
المصدر: أرغومنتي أي فاكتي
سعيد طانيوس