وقال تقرير لصحيفة "الشروق" المصرية، إنه فيما تسعى الحكومة المصرية لحل أزمة نقص النقد الأجنبي، من خلال اعتمادها على العديد من البرامج، فى مقدمتها بيع حصصها فى 32 شركة سواء بالبورصة أو لمستثمر استراتيجى، يرى عدد من الخبراء أن هذا البرنامج يمثل حلا مؤقتا، وعلى الحكومة تنمية الصادرات ورفع الاستثمار الأجنبي المباشر لعدم تكرار أزمة نقص العملة.
وفي 12 ديسمبر الماضى، كشف رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولى، أن الحكومة لديها خطة لتدبير النقد الأجنبي حتى نهاية العام المالي الجاري، ثم يعقبها العديد من البرامج لتوفير النقد الأجنبي، منها الكشف عن قائمة تضم 32 شركة لطرحها بالبورصة أو بيعها لمستثمر استراتيجي، بالإضافة لإعطاء مزيد من التسهيلات على منح الجنسية المصرية مقابل وديعة دولارية أو شراء عقار، كذلك مبادرة السماح بالإعفاء الجمركي للمصريين بالخارج عند استيراد سيارات مقابل وديعة دولارية.
لكن الحكومة تعتمد على برنامج طروحات الشركات بالبورصة، في سد احتياجاتها الدولارية، حيث يعد من ضمن توصيات صندوق النقد الدولي في برنامجه الجديد الذي وقعه مع مصر في أكتوبر الماضي، متوقعة أن يحقق إيرادات بـ2.5 مليار دولار بنهاية يونيو المقبل، ما يساعد الحكومة في سد الفجوة الدولارية البالغة 16 مليار دولار سنويا خلال الأربع سنوات القادمة.
وقال الخبير مصطفى شفيع، إن برنامج طروحات الشركات يمثل جزءا من حل الأزمة التي يعانيها الاقتصاد من نقص النقد الأجنبي، ولن يحل الأزمة كما تعول عليه الحكومة بشكل كامل.
وأضاف شفيع، أن بيع حصص من الشركات، ليس الحل العاجل للأزمة الراهنة إذ يتطلب تنفيذه وقتا من الزمن، لطول مدة المفاوضات التي تستغرقها هذه الصفقات، حول سعرها ونسبة الحصص المخصصة للبيع، لذلك لا يعد هذا البرنامج الأساس الذي يمكن أن تراهن عليه الحكومة لمعالجة أزمة نقص النقد الأجنبي، وسد الفجوة الدولارية.
وأوضح شريف سامي، رئيس هيئة الرقابة المالية السابقة، أن برنامج الطروحات يعول عليه أكثر من أجل فتح الاقتصاد أمام القطاع الخاص، وتحسين وكفاءة إدارة الدولة لأصولها، وليس من أجل حل أزمة نقص الدولار.
وأضاف أن الحكومة المصرية تتبنى مثل تلك البرامج منذ أكثر من 30 عاما، حيث منحها قانون قطاع الأعمال حرية إدارة محفظتها الاستثمارية، ولكنها كثفت من تنفيذه في التوقيت الحالي نظرا للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد على أن يساعدها في توفير نقد أجنبى عاجل لسد الفجوة الدولارية وسداد الالتزامات الخارجية، واستجابة لاشتراطات صندوق النقد الدولي بموجب القرض الجديد، مشيرا إلى أن تنفيذه كان لابد أن يبدأ منذ عام 2016 مع اتفاق القرض السابق الموقع مع صندوق النقد، وليس في توقيت ظهور الأزمة، حتى تظهر آثاره الإيجابية على الاقتصاد بتحقيق المستهدف الأساسي من إطلاقه بفتح الاقتصاد أمام القطاع الخاص وجذب استثمارات أجنبية لتوسيع نشاط تلك الشركات.
وتوقع سامى، أن يساهم برنامج إدارة أصول الدولة، فى حل أزمة النقد الأجنبى على المدى القصير، "بينما على المدى المتوسط والطويل نحن بحاجة إلى تنمية مواردنا الدولارية ومعالجة العجز فى الميزان التجارى، بزيادة إيراداتنا من المصادر المستديمة ومنها الصادرات، والاستثمار الأجنبى المباشر، ورفع إيرادات السياحة".
وأوضح أن الحكومة لم تكن ملزمة بنشر قائمة محددة بالشركات محل التعامل؛ بل على العكس ربما كان من الأفضل لها أن تعلن عن البرنامج بصفة عامة بعيدا اقتصاره على أسماء شركات بعينها، ما يعرضها لمخاطر مستقبلية، إذا فشلت المعاملة الاستثمارية على الشركات التى كانت ضمن القائمة.
وقال مدحت نافع الخبير الاقتصادى، إن الحكومة لجأت لبرنامج بيع الأصول، بعدما أصبح لا مجال للاقتراض فى الوقت الحالى؛ لسد الفجوة الدولارية بعد ارتفاع معدلات الديون الداخلية والخارجية التى أصبحت فى نسب مقلقة بالنسبة لصندوق النقد الدولي، مضيفا أنه لا يفضل تمويل احتياجات آنية للبلاد أو على المدى القصير بعائد بيع أصول، ولكن في ظل الأزمة الحالية يمكن الاستفادة منها في تلبية الالتزامات الضرورية من سداد مديونية خارجية أو تنفيذ عمليات الاستيراد، مشيرا إلى أنه ليس حلا مستداما للأزمة النقد الأجنبي.
ويرى نافع، أن الهدف الأسمى من برنامج بيع الأصول ليس توفير الدولار، بل العمل على تنمية ورفع إيرادات تلك الشركات بعد إضافة مستثمر جديد فى رأسمالها، وهو ما سيرفع من إيرادات الموازنة العامة، فى الأجل القصير ويساعد بالتالى على خفض عجز الموازنة.
المصدر: الشروق