منذ دخول "صفقة الحبوب" حيز التنفيذ، في الأول من أغسطس الجاري، غادرت 10 سفن الموانئ الأوكرانية، تحمل بشكل أساسي علفا للحيوانات، اتجهت واحدة منها إلى بريطانيا، والأخرى إلى أيرلندا، وعدد منها إلى تركيا وإيطاليا والصين، وفقا لما ذكرته صحيفة "تايمز" يوم أمس الثلاثاء، 9 أغسطس. بمعنى أن أيا من هذه السفن لم تتوجه إلى اليمن أو الصومال أو أي دولة أخرى من تلك التي تواجه "مستويات كارثية من الجوع".
وكانت أول سفينة تصل إلى وجهتها هي "بولارنت"، التي ترفع العلم التركي، والتي رست في ميناء دريرنس، يوم الاثنين، محملة بـ 12 ألف طن من الذرة. واحتفالا بوصولها، صرح وزير الخارجية الأوكراني، دميتري كوليبا، بأنها "تبعث برسالة أمل إلى كل عائلة في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا"، مضيفا: "إن أوكرانيا لن تتخلى عنكم!".
في غضون ذلك، قال الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، لنظيره رئيس بوتسوانا، موكجويتسي ماسيسي، يوم الاثنين الماضي، إن أوكرانيا مستعدة لممارسة دورها كـ "ضامن للأمن الغذائي العالمي!". يجدر القول هنا بأن أوكرانيا تمثل حوالي 5% من صادرات الحبوب العالمية، في حين أن حصة روسيا أكبر بأربعة أضعاف.
وعلى الرغم من ذلك، فإن معظم الـ 20 مليون طن من الحبوب المحتجزة في الموانئ الأوكرانية خلال الأشهر الماضية هي علف حيواني، وليست مخصصة للاستهلاك البشري، وفقا لما نقلته وكالة "أسوشيتد برس". أما أول سفينة غادرت أوكرانيا بموجب "صفقة الحبوب"، وعلى متنها 26 ألف طن متري من علف الدجاج، وكانت متوجهة إلى لبنان، فقد أبحرت السفينة "رازوني"، التي ترفع علم سيراليون، من أوديسا في الأول من أغسطس الجاري، وسط ضجة كبيرة، إلا أنها عادت من بيروت يوم الاثنين الماضي، بعد أن رفض المشتري اللبناني قبول الشحنة، بسبب أنها تأخرت عدة أشهر.
من جانبها، لاحظت الأمم المتحدة انخفاضا في أسعار المواد الغذائية على خلفية التقارير عن تسليم الحبوب من أوكرانيا، إلا أن الوضع في إفريقيا لا يزال صعبا للغاية، لأن عددا من البلدان التي تشتري الحبوب تقليديا إما من روسيا أو أوكرانيا لا تتمكن من ذلك لأنه ببساطة ليس لديها ما يكفي من المال، علاوة على أنها تعاني من الجفاف، ولا توجد سفن شحن جافة كافية في السوق العالمية، لأن الشركات الروسية الآن تصدر الحبوب إلى الخارج، والجزء الأكبر من سفن الشحن الجاف، التي يمكن استئجارها، تعمل فقط للصادرات الروسية. ولم يتمكن المزارعون والتجار الأوكرانيون، بسبب الظروف الراهنة، من استئجار سفن البضائع الجافة في الوقت المحدد. كما أن الطلب على الحبوب ازداد لنقص الأسمدة المعدنية في أوروبا نهاية العام الماضي وبداية هذا العام، بسبب الارتفاع الحاد في الأسعار. لذلك أصبح من المربح أن يقوم تجار الحبوب بتسليم البضائع إلى أوروبا، حيث يوجد استعداد للدفع، بدلا من إرسال الحبوب إلى إفريقيا، حيث لا يوجد الكثير من المال، والدفع لاحقا في غضون بضعة أشهر.
وتعليقا على رفض المشتري توريد الحبوب الأوكرانية من سفينة "رازوني" إلى لبنان وإرسال الحبوب بشكل أساسي إلى البلدان المتقدمة، أشار ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن الحديث يدور عن "معاملات تجارية" والأمم المتحدة لا يمكن أن تؤثر على ذلك.
المصدر: RT