ونقلت الوكالة عن أكثر من ستة محللين ومستثمرين، أنه ورغم أن استقرار العملة وارتفاع عوائد أذون الخزانة دفع الأجانب إلى شراء الجنيه المصري للاستثمار في أذون قصيرة الأجل، لكن المخاوف تتنامى بشأن ما إذا كان المصرف المركزي بوسعه تحمل مواصلة دعم عملته ودفع العوائد المرتفعة للغاية، خاصة إذ حدثت "صدمة اقتصادية" أخرى، وذلك في إشارة إلى تحول مصر إلى وجهة مفضلة لدى المستثمرين في الأسواق الناشئة منذ اضطلاعها ببرنامج إصلاح اقتصادي واسع النطاق تحت رعاية صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016.
وبلغ متوسط عائد أذون الخزانة لأجل عام في مزاد يوم 20 ديسمبر 13.25 في المئة قبل حساب ضريبة دخل 20 في المئة.
الخبير الاقتصادي في غولدمان ساكس، فاروق سوسة، قال إن "الأسواق ترى مصر عادة أكثر عرضة للمخاطر في ظل ارتفاع أسعار الفائدة (عالميا) بالنظر إلى احتياجاتها التمويلية الكبيرة واعتمادها الشديد على (شراء المستثمرين الأجانب لأذون خزانة بالعملة المحلية)".
وأضاف لوكالة "رويترز" "شهدنا تفكيك بعض المراكز في الأسابيع القليلة الماضية، لأسباب من بينها انخفاض شهية المخاطرة في الأسواق الناشئة فيما يرجع في جانب منه إلى مخاوف متعلقة باستدامة مصر الخارجية".
بينما نقلت عن مدير محافظ في أبردين، فيكتور زابو، أن المشكلة لا تتعلق بما إذا كانت الأموال ستهرب من مصر وإنما بكيفية وفاء مصر بالاحتياجات التمويلية الكبيرة في المستقبل.
وأشار إلى أن السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت مصر راغبة وقادرة على الحفاظ على سعر الصرف.
وقد ظل ذلك السعر دون تغيير تقريبا عند نحو 15.70 جنيه مقابل الدولار، رغم تراجع قيمته خلال الشهور الأولى من جائحة كورونا.
وكان محافظ المصرف المركزي المصري طارق عامر، أعلن هذا الشهر أن "جميع المصارف المركزية خفضت أسعار الفائدة. وزدنا سعر الفائدة على الودائع (المحلية). قمنا بشيء غير مألوف لكنه حقق المرجو منه".
ورغم أن ذلك المسعى أدى إلى نمو اقتصادي، فقد أظهرت أحدث بيانات المصرف المركزي تراجعا في صافي الأصول الأجنبية، في أكتوبر الماضي إلى أدنى مستوى منذ الأشهر التي أعقبت تفشي الجائحة في مطلع 2020.
وقال مصرفيون ومحللون إن ذلك ربما كان نتيجة أمور منها استحقاق التزامات خارجية، منها قرض قيمته مليارا دولار من بنوك خليجية على مدى الأشهر القليلة الماضية، أُعيد تمويلها ولم تزد إلا بعد فترة.
وقال شكيب فاروقي، كبير خبراء استراتيجيات الاقتصاد الكلي في شركة إيمسو لإدارة الأصول، التي تركز على الأسواق الناشئة إن مصر "أصبحت تعتمد اعتمادا مفرطا على تدفقات المحافظ غير المقيمة (الخارجية)". وأضاف "ارتفاع احتياجات التمويل الخارجي وتآكل الحماية الخارجية يجعل مصر عرضة لمخاطر الصدمات العالمية".
ومن المرجح أن يظل عجز الحساب الجاري، الذي اتسع إلى 5.13 مليار دولار في الفترة (من أبريل إلى يونيو) من 3.83 مليار دولار في العام السابق، بمثابة استنزاف للموارد.
المصدر: "رويترز"