محاولة "نكء جرح قديم" في ترانسنيستريا
كادت النار المعسسة تحت النزاع في ترانسنيستريا أن تخبو تماما ووقف زعماء مولدافيا وجمهورية ترانسنيستريا على عتبة الاتفاق ولكن ذلك لم يعجب القوى الموالية لرومانيا في كيشنيوف.
حول هذا الموضوع كتبت يلينا غليشينسكايا المعلقة في محطة إذاعة "سبوتنيك" مقالة قالت فيها إن الضربة الأولى ضد التقارب والتعاون بين الطرفين جاءت من جانب المحكمة الدستورية مولدوفا التي يحمل غالبية أعضائها الجنسية الرومانية. لقد اعتبرت هذه المحكمة في قرار صدر عنها أن منطقة ترانسنيستريا هي أرض مولدافية محتلة وأن قوات حفظ السلام الروسية هناك تتواجد في تلك المنطقة بشكل غير مشروع على الرغم من أن القوة الروسية تنتشر هناك على أساس اتفاقية السلام لعام 1992 وبفضلها لم تشهد المنطقة منذ تلك الفترة أي توتر أو صدام مسلح.
وفي نفس اليوم حصلت الحكومة المولدافية على مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي قدرها 21.5 مليون دولار.
جاء كل ذلك على خلفية وقف عمل نقاط التفتيش والعبور الأوكرانية -المولدوفية على الحدود بين أوكرانيا وترانسنيستريا مؤخرا . ومن ثم وعد الرئيس الأوكراني أنه سيساعد على تصفية وإنهاء وجود جمهورية ترانسنيستريا المولدافية المعلنة من جانب واحد والتخلص من وجود القوات الروسية هناك.
الخطوة التالية كانت في قيام برلمان مولدوفا ومن ثم حكومتها بتقديم طلب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حول إجلاء قوة حفظ السلام الروسية من ترانسنيستريا. وخلال ذلك ترحب الحكومة المولدافية بتواجد القوات الأمريكية في البلاد وذلك عن طريق الموافقة على تشييد 8 مواقع ومنشآت عسكرية أمريكية في قرية بولبواكا المولدافية. وترافق كل ذلك بدعوة مشبوهة من جانب الأوليغارشي المولدافي الأساسي فلاد بالخوتنيوك بخصوص إلغاء الاتفاقية الروسية – المولدافية الآنفة الذكر حول نشر قوات حفظ السلام في منطقة ترانسنيستريا.
من الذي يقف خلف محاولة فتح الجرح القديم وماهو دافعه لذلك؟ لا شك في أن إلغاء اتفاقية السلام المذكورة يعتبر بمثابة إعلان حرب من جديد.
يبدو واضحا أن تصريحات واحتجاجات رئيس مولدافا الحالي إيغور دودون لا تؤخذ بالاعتبار ويجري اتخاذ القرار من دون الرجوع إليه لأن صلاحيات الحكومة والبرلمان تسمح باتخاذ القرارات وتجاهل رأي رئيس البلاد. ولكن الانقسام يسود في المجتمع وتعتبر المواجهة بين الأطراف المتناحرة بمثابة الأمر المألوف.
ولكن في ذات الوقت تعتبر مشاكل البطالة والفساد في مولدوفا أكثر قلقا بالنسبة للمواطن العادي.
يخشى إيغور دودون أن تقترب بلاده، بمساعدة ذات المحكمة الدستورية والبرلمان، من الناتو وأن تقوم بتنفيذ إصلاحات موالية للغرب أكثر راديكالية ولذلك أعلن عن نية صياغة مفهوم الحياد الدائم للجمهورية. ومن المؤكد أن مثل هذه المبادرة ستجبر خصومه على الرد بشكل حاسم.
والشيء الوحيد الذي يمكن أن يضع حدا لهذا النزاع بين رئيس الدولة من جهة والحكومة من جهة أخرى هو إجراء الانتخابات البرلمانية في مولدوفا بشكل مبكر – موعدها سيحل بعد أكثر من عام بقليل.
لا شك في أن ترانسنيستريا ستتمكن من الصمود في الظروف الحالية وهي التي مرت عبر تحديات أكثر قسوة وشدة في السابق وذلك بفضل امتلاكها لإمكانات اقتصادية وعسكرية تسمح لها بذلك.
المصدر: نوفوستي
ادوارد سافين