الديمقراطيون يستقبلون ترامب بفتور في الكونغرس.. ونساؤهم يتشحن بالأبيض احتجاجا عليه!
استقبلت الرئيس دونالد ترامب 40 نائبة من الديمقراطيين بالزي الأبيض كنوع من الاحتجاج الصامت على أول كلمة له أمام الكونغرس بمجلسيه، فيما اختار زملاؤهن الرجال الترحيب الفاتر .
خيّم الفتور على استقبال النواب الديمقراطيين للرئيس دونالد ترامب، في أول كلمة له أمام الكونغرس بمجلسيه، حيث ظلوا جالسين في مقاعدهم مكتوفي الأيدي والوجوم على وجوههم، فيما اتشحت عضوات الحزب الديمقراطي باللون الأبيض الذي يرمز إلى الدفاع عن حقوق النساء، كنوع من الاحتجاج الصامت على سياسات وقرارات الرئيس الارتجالية.
وجلست أعضاء الكونغرس الديمقراطيات اللواتي اتشحن بالبياض في مرأى المنصة التي ألقى منها الرئيس الجمهوري كلمته.
ويؤدي الزي الأبيض رسالة واضحة إلى ترامب لتذكيره بحقوق المرأة والمساواة، وذلك بعد احتدام الجدل حول سوء معاملة ترامب للنساء وتصريحات سابقة له اعتبرت مهينة بحقهن.
ويعود اختيار النساء للون الأبيض كرمز للاحتجاج إلى بدايات القرن الماضي، عندما ارتدى المطالبون بحقوق المرأة في الاقتراع أزياء بيضاء بالكامل.
وقالت النائبة الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي عبر تويتر: " الليلة، أنا ونساء الحزب الديمقراطي سنرتدي الأبيض لمساندة حقوق المرأة، على عكس رئيس الولايات المتحدة الذي لا يفعل ذلك".
ويبدو أن ترامب الذي بدت لهجته أقل حدّة وأكثر تصالحا مع الواقع، استوعب بعضا من دروس الاحتجاجات التي اندلعت ضدّ سياساته والانتقادات التي انهالت على قراراه القاضي بمعاقبة مواطني سبع دول عقابا جماعيا صارما لا يستثني أحدا منهم، فقط لأنه يظن بهم سوءاً وليس أكثر،على الرغم من أنه لم يصدر عن أي مواطن من الدول المعنية بالحظر أي ضير بحق أمريكا لا من قريب ولا من بعيد.
الأسابيع الخمسة التي مضت على تسلم ترامب مقاليد السلطة، خيّم عليها غبار المعارك والصدامات التي أثارها قراره بفرض حظر مؤقت على سفر مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، لذلك سعى الرئيس الأمريكي ابن عالم المال والأعمال إلى تجاوز ومحاولة احتواء ردود الفعل الغاضبة على سياساته التي ألقت ظلالا كثيفة من الشكوك حول قدرته على الحكم بفاعلية، فأعلن دون مقدمات أنه منفتح على إصلاح واسع النطاق لنظام الهجرة في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من تلطيف لهجته ضدّ المهاجرين البؤساء، إلا أنه عاد ليتحدث عنهم ، بلغة الصفقات والمصلحة المالية والمادية ،فعرض على النواب والشيوخ صفقة مجزية بقوله، إنه من الممكن إعداد خطة إصلاح موسعة بشأن الهجرة إذا رغب الجمهوريون والديمقراطيون في الكونغرس في الوصول إلى حل وسط. وأضاف أن الهجرة إلى الولايات المتحدة ينبغي أن تقوم على نظام يستند إلى كفاءة المهاجرين ، أي ترك الأبواب مواربة لمن يرتجى منه أي ربح أو منفعة مادية .
وأكدت تسريبات إعلامية أن "من المتوقع أن يصدر الرئيس الأمريكي خلال اليومين المقبلين، قراراً تنفيذيا ثانياً بحظر السفر إلى الولايات المتحدة بعدما أفشل القضاء قراره الأول" بالوقف أو التعليق .
وكان وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، قد طلب عدم تطبيق الأمر التنفيذي للرئيس ترامب الذي قيّد دخول مواطني سبع دول ذات الغالبية المسلمة أراضي الولايات المتحدة، على بعض فئات المواطنين العراقيين.ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن مصادرها، إن "أربعة مسؤولين قالوا إن القرار (المرتقب) يأتي بعد ضغوط من وزارتي الدفاع والخارجية"، مشيرة إلى أن "الوزارتين حثتا البيت الأبيض على إعادة النظر في ضم العراق إلى القائمة نظرا لدوره الرئيسي في الحرب على تنظيم داعش"الإرهابي.
وخلافا للهجة الصارمة التي اتسمت بها كلمة الرئيس الأمريكي ترامب عند أداء اليمين الدستورية، فقد تعهد بلهجة محاكاة رجل دولة "بتجديد الروح الأمريكية" التي لا يمكن فصلها برأيه عن تدابير صارمة حول الهجرة.
وعلى صعيد العلاقات الخارجية التي تناولها بشكل مقتضب جدا دون اي ذكر لروسيا ، شدد ترامب على أن دوره ليس "تمثيل العالم بل تمثيل الولايات المتحدة"، لكنه قال بنبرة تصالحية "نريد الانسجام والاستقرار وليس الحروب والنزاعات"، مؤكدا التزام الولايات المتحدة بحلف شمال الاطلسي.
ومع ذلك، طلب ترامب في خطابه الذي يشكل أيضا مقدمة للمعركة حول موازنة العام 2018 من النواب التصويت على زيادة تاريخية في النفقات العسكرية تبلغ 54 مليار دولار أي نحو10%.
وأضاف "زمن المعارك غير المجدية قد ولى"، مشددا على ضرورة توحيد البلاد.
وقال ترامب الذي سجلت شعبيته تراجعا قياسيا بالنسبة إلى أسلافه "هذه رؤيتنا ومهمتنا لكن السبيل الوحيد للتوصل إليها هو من خلال وحدتنا".
ولوحظ أن ترامب التزم في خطابه الذي استمر ساعة كاملة، بالنص الذي كتبه له مستشاروه ولم يخرج عنه، الشعور الجديد "بالفخر الوطني" الذي يسود الولايات المتحدة منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
وقال ترامب في مجلس النواب حيث حضر أيضاً أعضاء مجلس الشيوخ ووزراء وقضاة من المحكمة العليا، "فصل جديد من الفخر الأمريكي يبدأ".واستعاد المواضيع الرئيسية لحملته الانتخابية وتعهد بتوفير "ملايين الوظائف"، وندد باتفاقات التبادل الحر المضرة ببلاده، وشدد على أن مكافحة الجرائم ستكون من الأولويات.
وعلى الرغم من تخفيف لهجته ، فإن ترحيب الديمقراطيين بالرئيس ترامب كان فاتراً، حيث ظلوا جالسين في مقاعدهم مكتوفي الأيدي دون أي ملامح ترحيب على وجوههم. في المقابل، كان الجمهوريون يصفقون دون توقف ويقفون تحية للرئيس عند ذكره المشاريع الكبرى مثل مد أنابيب للنفط وإقامة جدار مع المكسيك ومكافحة "الإرهاب المتطرف" وحتى عند ذكر شعار "لنعيد أمريكا عظيمة مجدداً".
كما ارتدت نحو 40 نائبة ديموقراطية اللون الأبيض الذي يرمز إلى الدفاع عن حقوق النساء كنوع من الاحتجاج الصامت.
وندد رئيس الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بالخطاب "الشعبوي"، وقال "هناك تباين واضح بين ما يقوله الرئيس للفقراء وما يقوم به للأغنياء".
وعلقت غوين مور وهي نائبة ديمقراطية ارتدت اللون الأبيض قائلة "هناك أمور يمكن بالفعل أن نشيد بها. لكن كيف سيسدد كل هذه التكاليف؟".
من جهة ثانية، حاول ترامب استغلال المناسبة فتعهد مطولاً باتخاذ إجراءات صارمة جداً على الحدود، أحد أبرز مواضيع حملته الرئاسية.وقال "عندما نطبق أخيراً قوانيننا حول الهجرة، سنزيد الرواتب وسنساعد العاطلين عن العمل وسنوفر مليارات الدولارات وسنعزز أمن مجمعنا".
كما أعلن عن تشكيل مكتب خاص لضحايا جرائم الهجرة سيحمل اسم "فيكتيمز اوف ايميغريشون كرايم انغيجمنت" او "فويس". وشدد "سنعطي صوتا للذين تتجاهلهم وسائل الإعلام وتسكتهم المصالح الشخصية".
ودغدغ ترامب آمال مواطنيه حول الاقتصاد، فتعهد بإجراء إصلاح مالي "تاريخي" من خلال تخفيض "كبير" للضرائب على الطبقة المتوسطة من شأنه أن يتيح للشركات «منافسة أي كان".وشدد قائلا "علينا العمل بحيث يصبح من السهل على شركاتنا أن تقوم بأعمالها في الولايات المتحدة ومن الصعب عليها ان ترحل".
واقترح خطة للاستثمار في البنى التحتية من المتوقع ان تصطدم بمعارضة عدد كبير من الجمهوريين مندداً بأن البلاد "انفقت مليارات الدولارات في الخارج".
لكن العديد من المسؤولين الأمريكيين عبّروا عن رفضهم لاقتطاع أكثر من ثلث تمويل الديبلوماسية والمساعدات الخارجية.
وللمرة الأولى منذ العام 2006، يسيطر الجمهوريون على البيت الأبيض ومجلسي الشيوخ والنواب وجدول أعمالهم متخم بإصلاحات قطاع الصحة والضرائب في 2017.وقال بول راين رئيس مجلس النواب "إنها فرصة لا تحصل إلا مرة كل عدة أجيال". لكن الغالبية لا تتفق مع الرئيس حول كل النقاط خصوصا فيما يتعلق باستبدال إصلاح نظام الصحة المعروف بـ"أوباماكير". ولا يزال الجمهوريون منقسمين بشأن كيفية تحقيق هذا الهدف بينما يعارض الديمقراطيون بشدة نسف النظام الذي يوفر الرعاية الصحية لملايين الأمريكيين ذوي الدخل المحدود.
وكان لكلمة ترامب تأثير شبيه بمزاجه، حيث ارتفعت الأسهم الأمريكية في المعاملات الآجلة قبل أن تقلص مكاسبها في وقت لاحق من الخطاب.
المصدر:وكالات+ R-T
سعيد طانيوس