تركيا تصبح غير أهل للمصافحة

أخبار الصحافة

تركيا تصبح غير أهل للمصافحة
تركيا تصبح غير أهل للمصافحة
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/hps3

تناولت صحيفة "إيزفيستيا" مسألة إبادة الأرمن على يد العثمانيين، مشيرة إلى الأسباب التي تمنع تركيا من الاعتراف بذلك.

 جاء في مقال الصحيفة:

أصبحت ألمانيا الدولة الـ 29 التي تعترف بإبادة الأرمن. فقد سبقها في ذلك البرلمان الأوروبي، الذي شجب ملاحقة الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية، ووصفها بالإبادة في القرار الذي أصدره. وكانت روسيا في عام 1995 قد اعترفت بإبادة الأرمن في العهد العثماني.

وكانت أولى عمليات إبادة الأرمن قد سُجلت في نهاية القرن التاسع عشر، واستمرت هذه العمليات إلى عام 1922. وكانت إبادة الأرمن مرتبطة بالطبيعة الشوفينية للدولة التركية، التي لم تسمح على مدى مئات الأعوام بالمساواة بين مواطنيها؛ حيث كان المسيحيون على امتداد تاريخ الإمبراطورية العثمانية ملزمين بدفع الجزية لأنهم من غير مسلمين.

تركيا تصبح غير أهل للمصافحة   إبادة الأرمن

ولكن، وبسبب ظروف معينة في عام 1915، استلهمت الحكومة التركية فكرة، أن الأرمن، عنصر غير موثوق به في أراضي الإمبراطورية، وخاصة على ضوء الانتصارات التي حققتها القوات الروسية على جبهة القوقاز، فكان الأرمن يتعرضون إما للطرد أو القتل لضمان الوحدة الوطنية أمام العدو.

واستنادا إلى هذه الخطة التي نفذها الثلاثي أنور باشا وطلعت باشا وجمال باشا، تم في البداية ذبح المثقفين الأرمن، الذين كان بإمكانهم قيادة الشعب الأرميني، وبالتزامن مع هذا، تم إعادة جميع الأرمن الذين خدموا في الجيش إلى الخطوط الخلفية، حيث تم تجريدهم من السلاح، ثم قتلهم رميا بالرصاص أو ذبحهم.

تركيا تصبح غير أهل للمصافحة   إبادة الأرمن

كل هذا جرى بهدف ضمان عدم منع الأرمن، الذين يقطنون في ما يسمى أرمينيا العظمى في تركيا، من المقاومة.

بعد ذلك، اتُخذ قرار بترحيل السكان الأرمن باتجاه الصحراء القاحلة في سوريا وإلى قيليقية (منطقة جغرافية تاريخية تقع جنوب الأناضول على سواحل تركيا الجنوبية). وقد أدى الرحيل في هذا الطريق، "طريق المبكى"، إلى وفاة أعداد كبيرة من النساء والشيوخ والأطفال.

وكان عدد السكان الأرمن في تركيا قبل بداية الحرب 2.5 مليون نسمة، ولكن بعد نهايتها لم يبق في تركيا سوى 33 ألف أرمني. بعض هؤلاء هربوا خوفا من ملاحقتهم من قبل الجندرمة التركية، ولكن النسبة الأعظم (1 – 1.5 مليون) أبيدوا على يد الأتراك. والمقصود هنا عمليات إبادة المواطنين لأسباب عرقية.

تركيا تصبح غير أهل للمصافحة   إبادة الأرمن

ومنذ ذلك الحين، تعاقبت على السلطة في تركيا حكومات وأجيال مختلفة من الساسة. ولكن، لم تظهر لدى أي منها أي علامة تدل على الندم لما حصل، بل على العكس من ذلك. إذ يلاحق في تركيا كل من يحاول كشف الحقيقة عن إبادة الأرمن.

فقد أضطر الكاتب أورهان باموك إلى الهجرة بسبب ذلك. كما أن الصحافي التركي من أصل أرمني هرانت دينك قُتل عام 2007 للسبب نفسه. أي أن كل من يحاول الحديث عن هذه القضية، يجازف بحياته؛ لأنه سيحاسب بموجب قانون الأمن القومي - "تشويه سمعة الشعب التركي".

وتركيا تفرض خلال عشرات السنين حصارا على الأراضي الأرمينية ولا تسمح بوصول البضائع والناس إليها، ولا حتى بتحليق طائراتها عبر أجوائها إلى أرمينيا، وتعرقل جميع المحاولات الرامية إلى تخفيف حدة التوتر في هذه المواجهة.

وبمبادرة من الولايات المتحدة وبدعم من روسيا والاتحاد الأوروبي، وقعت أرمينيا وتركيا في عام 2009 برتوكولا بشأن البدء في بناء علاقاتهما تدريجيا.

ولكن، لم يمض سوى بعض الوقت حتى اعتبرت أذربيجان هذه الاتفاقية التي ستؤدي إلى فك الحصار عن أرمينيا من جانب تركيا، أنها خيانة للشعب الأذربيجاني.

تركيا تصبح غير أهل للمصافحة   ناغورحي قرة باغ

وفيما بعد، وللتصديق على هذا البروتوكول، طلبت من أرمينيا تسليم قرة باغ إلى أذربيجان. وكان هذا انتهاكا لسياق المفاوضات. بعدها فشلت كل المحاولات الرامية إلى تسوية الخلافات بين البلدين.

وأردوغان لا يستعرض في عرقلة عملية التسوية تضامنه مع أذربيجان، بل ويخاف من أن تتبع ذلك المطالبة بدفع تعويضات مالية لضحايا عمليات الإبادة، التي قد تبلغ عدة مليارات من الدولارات.

وإضافة إلى هذا، يرفض أردوغان بسهولة تنفيذ التزاماته حول قضايا أخرى. فقد رفض تنفيذ اتفاق رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو مع الاتحاد الأوروبي بشأن إلغاء نظام التأشيرات مقابل إجراء إصلاحات محددة في تركيا، وقال إن "تركيا لن توافق على هذا، ونحن لم نتفق بهذا الشأن".

ومن الواضح أن تركيا اليوم ليست موضع ثقة ولا يمكن مصافحتها، لأنها تتصرف بكبرياء، وهي شريك غير موثوق به، لأنها لا تخفي استعدادها لرفض أي اتفاق سابق، ناهيك عن موضوع الإبادة.

وقد تحول أردوغان اليوم إلى إبادة الأكراد، مع أن حجم العمليات اليوم يختلف جدا عن التي وقعت عام 1915، لأن الأتراك حينها استغلوا الحرب العالمية الأولى في تغطية عمليات إبادة الأرمن. 

وختاما، لو لم تكن أنظار العالم موجهة نحو الشرق الأوسط حاليا، لفعل الأتراك بالأكراد ما فعلوه بالأرمن عام 1915، لأنهم لم يأخذوا العبرة من ذلك ولم يندموا. وهذا عبء ثقيل على أكتاف الشعب التركي.

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا

لحظة بلحظة.. تطورات الهجوم الإرهابي على مركز كروكوس التجاري بضواحي موسكو ومصير الجناة والضحايا