لماذا تعتكف واشنطن عن نشر أدلتها ضد موسكو؟
جرت العادة أن تتهرب واشنطن من تقديم أدلة ملموسة لدى اتهامها لموسكو بشن "غارات همجية" لمنشآت مدنية في سوريا، الأمر الذي أشار إليه مسؤولون روس مرارا.
يقول خبراء عسكريون إنه لو كان لدى واشنطن أدلة عينية ملموسة فهي بالطبع لن تتوانى عن نشرها، ولكن المسألة أنها وضعت كامل بيضها في سلة منظمات مختلفة زرعتها هي خدمة لهذه الأغراض.
المصادر الميدانية تزود الإدارة الأمريكية بـ"معلومات" تستخدم كأساس لتوجيه هذه الاتهامات، مع أن واشنطن لا تستطيع كشفها بصورة رسمية.
ومن الخبراء المطلعين من يعتقد بأن أبرز هذه المصادر هي منظمة تطلق على نفسها "الدفاع المدني السوري" والمعروفة أيضا تحت اسم "الخوذ البيضاء".
بعد ثلاث سنوات فقط من نشوئها، في العام 2013، جرى إعلان ترشيح هذه المنظمة التي تدعي أن نشطاءها أنقذوا من قصف "نظام الأسد" وسلاح الجو الروسي عشرات الآلاف من المدنيين السوريين، لجائزة نوبل للسلام.
ومع أن فرص حصول "الخوذ البيضاء" على هذه الجائزة تبدو ضئيلة (علما بأن قائمة المرشحين تضم الشخصيات المعروفة عالميا أمثال البابا فرنسيس وإدوارد سنودن والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب)، إلا أن اهتمام الرأي العام العالمي بها ازداد بشكل ملحوظ بعد هذا الإعلان.
قل لي من أنشأك ..
جرى تأسيس "الخوذ البيضاء" على يد جيمس ليميزريه، الضابط السابق في الجيش البريطاني وهو خدم كأحد المرتزقة في شركة عسكرية خاصة متصلة بشركة "بلاك ووتر" الأمنية الخاصة المعروفة بفظائعها في العراق.
أما التمويل فتحصل المنظمة على معظمه من صندوق سوروس الأمريكي المعروف. ووفقا لمعلومات رسمية وحدها فإن "الخوذ البيضاء" تحصل سنويا على 30 مليون دولار أمريكي تأتي إليها من الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا، وممولين آخرين، فيما تشير المصادر السورية إلى أن ميزانية المنظمة تبلغ نحو 50 مليون دولار.
يذكر أن "الدفاع المدني السوري" يعمل فقط في المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين المعارضين، بل وهناك أدلة تشير إلى وجود تنسيق مباشر بين نشاطات المسلحين و"المتطوعين الإغاثيين". وليس صدفة أن واشنطن الرسمية التي تثني على "الخوذ البيضاء" وتستخدمها في حربها الإعلامية ضد روسيا لم تسمح لرئيس المنظمة رائد صالح بدخول أراضي الولايات المتحدة كشخص مشتبه بضلوعه في نشاطات إرهابية!
ثمة صحفيون مستقلون يضعون هم الآخرون موضع الشك نزاهة "الخوذ البيضاء"، ومنهم الصحفية والباحثة المستقلة فانيسا بيلي التي تدعو إلى وقف العنف في سوريا وتوحيد مجتمعها. وبحسب رأيها فإن "الخوذ البيضاء" تعد ثمرة جهود القوى الخارجية المهتمة بإسقاط حكومة بشار الأسد في سوريا وتهيئة الظروف لتدخل الولايات المتحدة وحلفائها في هذه البلاد.
أعمال إعدام وتعذيب
وبحسب معلومات بيلي، فإن "الخوذ البيضاء" تنشر نشاطاتها في المناطق التي يسيطر عليها مسلحو "جبهة فتح الشام" (فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا المعروف سابقا تحت اسم "جبهة النصرة")، علما بأن أعضاء المنظمة (التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان) يتغاضون عن الجرائم المرتكبة من قبل الإرهابيين، بل ويحاولون إعطاءهم صورة إيجابية، موجهين كل اتهاماتهم إلى القوات الحكومية السورية والداعمة لدمشق. بل وأكثر من ذلك، فهناك أشرطة فيديو وصور فوتوغرافية تثبت أن أعضاء المنظمة يشاركون بأنفسهم في أعمال قتل المدنيين وتعذيب وإعدام الجنود السوريين الحكوميين.
أما الصحفي الأمريكي ريك ستيرلنغ فقد نعت أعضاء "الخوذ البيضاء" بـ"المتلاعبين الفعالين جدا"، موضحا أن الوظيفة الرئيسة لهذه المنظمة هي الدعاية، فهي "تقوم بشيطنة حكومة الأسد وتشجع التدخل الخارجي المباشر".
المصدر: وكالات
قدري يوسف