هل تقترب أيام معركة الموصل من طوفان نزوح مليوني؟

أخبار العالم العربي

هل تقترب أيام معركة الموصل من طوفان نزوح مليوني؟
نازحون جنوب الموصل
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/i5l0

بعد مرور عشرة أيام على انطلاق معركة الموصل، أعلنت بغداد أنها استقبلت أكثر من 3300 نازح، فيما أعلنت الأمم المتحدة أن 9000 شخص نزحوا؛ محذرة من طوفان نزوح.

وفيما صرح وزير الهجرة والمهجرين العراقي جاسم محمد الجاف بأن وزارته استقبلت ونقلت أكثر من 3300 نازح، أفادت أرقام الأمم المتحدة بأن نحو 8940 شخصا نزحوا من منطقة الموصل منذ بدء الهجوم في 17 تشرين الأول/أكتوبر الجاري.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان له إن "أكثر من 10500 شخص أصبحوا الآن نازحين ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية".

من جانبها، أعلنت مزكين أحمد، مستشارة الإدارة الكردية شمال شرق سوريا، أن "ما بين 5 و6 آلاف من العراقيين الفارين من القتال في الموصل، وصلوا في الأيام الأخيرة".

وأضافت "أن النازحين عرب ومعظمهم من النساء والأطفال والمسنين، وعبروا الحدود منذ 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ويقيمون حاليا في مخيم للاجئين في منطقة الهول بمحافظة الحسكة، فيما لا يزال هناك نحو 3 آلاف ينتظرون عبر الحدود، وأن الإدارة أقامت نقطة استقبال عند الحدود".

بدوره، قال المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة فيليبو غراندي خلال مؤتمر صحافي في عمان إن "المفوضية سيكون لديها خلال يومين أو ثلاثة 30 ألف خيمة تكفي لـ 150 ألف نازح قد يفرون من الموصل.

وقال مدير المجلس النرويجي للاجئين في العراق وولفغانغ غريسمان إنه في الوقت الذي تتكشف هذه الأزمة الضخمة "لا نزال نشعر بقلق مهول على أكثر من مليون عراقي عالقين داخل الموصل لا تتوافر لديهم طرق آمنة للخروج بعد".

وسواء كانت هناك ممرات آمنة للنازحين أم لا، فإن "داعش" الذي يستخدم المدنيين دروعا بشرية قد جعل من هذه الممرات من دون قيمة. وهذا يعني حدوث "كارثة إنسانية" في حال بدء معركة مركز الموصل المرتقبة وانهيار دفاعات "داعش" داخل المدينة، وهو ما يتخوّف منه مسؤولون دوليون.

فقد حذر دبلوماسي غربي من "حمام دم" خلال الحملة، وتوقعت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة من طوفان نازحين يقدر بمئات الألوف من العراقيين من الموصل ومحيطها بسبب المعركة.

وأعرب المتحدث باسم المفوضية أدريان إدواردز عن اعتقاده بأن "وضع النازحين قد يزداد سوءا بدرجة كبيرة في الموصل"، ويتوقع أن "يكون الأثر الإنساني للهجوم العسكري هائلا، وقد يتأثر نحو 1.2 مليون بالهجوم"، وأن "المفوضية تحتاج إلى المزيد من الأراضي لإقامة المخيمات".

وقال مدير مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في العراق برونو جدو في مؤتمر صحافي في جنيف إن "مخيمات الطوارئ ستضم 18 ألف خيمة في أماكن مفتوحة"؛ موضحا أن من لا يحصلون على خيمة سيحصلون على "واحد من 50 ألف صندوق من مستلزمات الإيواء". وأضاف أن "هناك احتمالا بأن تتحول الموصل إلى إحدى أسوأ الكوارث البشرية لسنوات طويلة جدا".

وبينما أكدت مصادر من داخل الموصل أن "داعش" يستخدم المدنيين دروعا بشرية وأنهم بالكاد يستطيعون الفرار من مخبريه ونيرانه وأن التنظيم يقوم باختطاف العشرات من شباب ورجال القرى المحيطة بالموصل ويقتادهم إلى داخل الموصل، تخشى أوساط عراقية ودولية من عدم قدرة الجهات الرسمية العراقية على استيعاب هذا العدد الهائل من النازحين، أو وقف عمليات الاختطاف أو التعذيب التي يتعرض لها النازحون.

فقد أفاد مصدر مطلع، زار مخيما شُيّد لاستقبال النازحين في بلدة طينة قرب القيارة جنوب الموصل، بأن ضابطا من الشرطة المكلفين بحماية الموقع أخبره بأن جنودا عراقيين من قوة التدخل السريع نهبوا 200 خيمة و8 صهاريج مياه قدمتها الأمم المتحدة، ونقلوها إلى معسكر تتشاركه القوة مع فرقة من الجيش الأمريكي قرب القيارة دون أن يتمكن من ردعها.

وقال أحد النازحين في المخيم إن "القوة العراقية لم تأبه بتوسلات المدنيين وعملت على "رمي بعض العائلات" في العراء للاستيلاء على الخيم؛ ما دفع أطفال ونساء إلى مشاركة عائلات أخرى في المأوى". ورأت منظمات إنسانية أن ما أقدمت عليه القوة العراقية في المخيم يعدُّ انتهاكا للقانون الدولي، ويتعارض مع واجبات الجيوش النظامية التي تقضي بحماية المدنيين في مناطق النزاع.

وأكد ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة في العراق بيتر هانكيس حادثة انتهاك القوة العراقية للمخيم؛ معربا عن قلق اليونيسف إزاء الاستيلاء على مساعدات إنسانية، بينها صهاريج المياه، وتجهيزات أخرى كالمراحيض المتنقلة.

وفيما تتزايد المخاوف المحلية والاقليمية من احتمالات التغيير الديموغرافي بعد النزوح واحتمالات فتح "طريق حرير" لمجاميع مسلحة، يمتد من صلاح الدين مرورا ببادية الجزيرة ثم الحضر وتلعفر وسنجار وعبر الحدود الى سوريا وبالعكس، فإن مخاوف أخرى تتملك النازحين من "طريق حرير" إنساني، يضطر النازحون إلى المرور عبره من الموصل وأطرافها وصولا الى مخيمات النزوح.

وقالت مصادر ناشطة في مجال حقوق الإنسان إن النازح يسلك طريقا محفوفا بالمخاطر من بيته إلى المخيمات. فهو إن نجا من سكين الإرهاب، فقد يسقط تحت النار بين "داعش" والقوات المهاجمة. وإن نجا، فقد يصل بعد جهد جهيد إلى محطات التدقيق الأمنية التي قد تعتقله، وإن نجا، يصل أخيرا إلى خيم قد تفتقر إلى مقومات السكن.

جدير بالذكر أن أكثر من مليوني مواطن نزحوا عن الموصل وغيرها مذ أن سيطرت "داعش" عليها منتصف عام 2014. وهم يواجهون ومن لحق بهم اليوم وسيلحق بهم غدا ظروفا معيشية صعبة وسط عدم اكتراث حكومي.

وما لم يتداع المجتمع الدولي والإقليمي إلى وقف مأساة محتملة، وفتح صفحة جديدة في عراق ما بعد الموصل، فإن المدينة تقف على مفترق طرق يحمل في طياته معالم تغيير ديموغرافي محتمل أصاب أخواتها من قبل في ديالى وحزام بغداد وصلاح الدين.

وهكذا تبيت الموصل بين مطرقة داعش وسندان نزوح مجهول من جهة، وبين "طريق حرير" مزدوج: أحدهما للنازحين، وآخر للمسلحين، ولكل حادث فيها حديث.

عمر عبد الستار

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا