قانون "الجمعيات" يعكس الصورة الحقيقية لإسرائيل
أقر الكنيست الاثنين قانون "الجمعيات"، الذي يُلزم منظمات حقوق الانسان في إسرائيل بالإبلاغ عن هوية مموليها الأجانب، في حال تغطية التمويل معظم ميزانية المنظمة.
وأوضح المحلل السياسي أشرف عكة أن إقرار البرلمان الإسرائيلي هذا القانون، الذي سيبدأ تطبيقه العام المقبل، يأتي في إطار سلسلة من الإجراءات والسياسات، التي أقدمت عليها الحكومة اليمينية في إسرائيل، بهدف فرض هيمنتها على مصادر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع الإسرائيلي.
وهي محاولة جدية لإسكات كل الأصوات المناهضة لسياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية المتشددة في المجالات كافة، ولإسكات مؤسسات حقوق الإنسان القانونية.
وعزا أشرف عكة قيام إسرائيل بإقرار هذا القانون إلى تصاعد موجة العداء للحكومة الإسرائيلية الحالية، وفي ظل النشاط المنقطع النظير لناشطي حقوق الإنسان، وتزايد حملة المقاطعة الدولية لإسرائيل في العالم. ولذا تريد الحكومة الإسرائيلية كتم أنفاس مؤسسات المجتمع المدني، وخاصة المؤسسات العاملة في حقوق الانسان اليسارية، والقريبة من التوجهات العملية السياسية أو التسوية، وحل الدولتين والسلام بين الطرفين.
ومن جانب آخر، تقوم حكومة نتنياهو بإسكات النواب العرب في محاولة منها لمنع أي معارضة، أو تقديم لوائح عربية في محاكم دولية ضد الجيش الإسرائيلي وارتكاب جرائم حرب.
ويبين المحلل السياسي أن هذه الحكومة تقر بصورة منفردة قوانينها وتشرعها حسب مصلحتها، مستفيدة من تداعيات الأحداث في العالم والمنطقة، وتحاول بالضرورة أن تمارس كل السياسات المتشددة، وكل السياسات القمعية تطبيقا لقراراتها المتزمتة، التي لا تعبر عن رغبة حقيقية بالسلام في المنطقة. وبالتالي، يأتي حصار الخليل والإجراءات القمعية في الخليل وقراها تطبيقا لسياسة الحصار المشدد والقمع والقتل الميداني للفلسطينيين. فالاحتلال الإسرائيلي يحاصر مدينة الخليل، ويغلق أكثر من 250 طريقا ومدخلا للمدينة، ويفرض عليها عقوبات جماعية، ويمنع أكثر من 800 ألف مواطن من ممارسة حياتهم الطبيعية، ومن التنقل وممارسة أعمالهم ودهم أكثر من 2400 منزل.
وهذا يبين بالضرورة أن هذه القوانين المختلفة تأتي في إطار التوجهات المتطرفة لحكومة نتنياهو.
على صعيد متصل، أكد إياد البرغوثي، المحلل السياسي ومدير الجمعية الثقافية العربية الذي يشملها قانون الجمعيات، أنه قانون ضمن سلسة قوانين لإسكات وقمع كل الأصوات المعارضة لسياسات حكومة نتنياهو وللنخبة اليمينية المتطرفة.
والقانون هو لإقصاء الجميع: إن كان على مستوى الأحزاب السياسية وتحديدا العربية منها، أو كان على مستوى المجتمع المدني، وتحديدا جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات العربية، وكذلك النخب الصهيونية التي لا تتبع المعسكر اليميني المتمثل بالحكومة الإسرائيلية.
ويهدف القانون بحسب إياد البرغوثي إلى تقليص مساحة العمل ومصادر التمويل للجمعيات، التي لها دور واضح ومباشر في كشف ممارسات الاحتلال وفضح سياساته، حتى لو كان ذلك من زاوية إسرائيلية (كالجمعيات اليسارية الداعمة لحل الدولتين).
"الحكومة الإسرائيلية تريد أن تكون لديها مساحة حرة أكبر للعمل من دون نقد أو كشف عن ممارساتها الاستيطانية القمعية والاحتلالية.. وفي والقانون نوع من تقييد العمل لهذه الجمعيات التي ستعارضه بالطبع، ولكن من الصعب على هذه الجمعيات أن تمنع تطبيق القانون عليها".. يقول إياد البرغوثي، ويضيف أن في الكشف عن مصادر التمويل إهانة لهذه الجمعيات وشكل من أشكال الفاشية وسلوك مهين لها. وأوضح البرغوثي ان الجمعية التي يديرها هو، وهي الجمعية الثقافية العربية، وُضعت ضمن قائمة الأسماء الذي يشملها قانون الجمعيات، وهي انتفاء الشروط لذلك، لأنها لا تتلقى دعما بنسبة 51% من دول أجنبية. وبالتالي، هذا يعكس أن القانون ما هو إلا ذريعة للتضييق على الجمعيات بأكملها.
وجدير بالذكر أن "قانون الجمعيات" يلزم الجمعيات بنشر جميع مصادر تمويلها على العلن، ويطلب القانون المقترح من المؤسسات، التي تتلقى تمويلا يفوق نصف ميزانيتها السنوية من دولة أجنبية أو مؤسسات أجنبية، أن تعلن بشكل علني ورسمي عن داعميها، وأن توضح ذلك في منشوراتها كافة.
كما يلزم مشروع القانون هذه الجمعيات والمنظمات بدفع ضريبة للخزينة الإسرائيلية بمقدار 37 في المئة عن كل مبلغ يفوق الـ 50 ألف دولار. وفي حال مخالفة هذه الجمعيات أحد هذه البنود، فسيكون هذا سببا لتغريمها بمبلغ 30 ألف شاقل (7.5 ألف دولار).
ووفقا لما نقلته الصحافة الإسرائيلية، فإن الجمعيات المستهدفة في المقام الأول هي الجمعيات اليسارية المدعومة من قبل دول الاتحاد الأوروبي عن طريق سفارتها في إسرائيل.
هذا، وكان العديد من أعضاء البوندستاغ (البرلمان الألماني) المؤيدين لإسرائيل قد أعربوا عن معارضتهم لهذا القانون، ووجهوا نقدا كبيرا له.
ولاء شمالي