لبنان.. انتخابات من دون تمويل سعودي أو إيراني
على الرغم من اقتراب موعد الانتخابات البلدية والاختيارية، المقرر إجراؤها في لبنان خلال الشهر المقبل، فإن التعاطي الشعبي والرسمي مع هذا الاستحقاق في جميع محافظات البلاد لا يزال باردا
ولا يبدو من خلال نشاط الماكينات الانتخابية التابعة للأحزاب الكبرى في لبنان أن مواجهات كبرى ستحصل في استحقاق الانتخابات البلدية، باستثناء مدينة زحلة؛ حيث اتفقت الأحزاب المسيحية الكبرى ( "الكتائب اللبنانية"، "القوات اللبنانية"، "التيار الوطني الحر") على التحالف ضمن لائحة واحدة في مواجهة عائلات زحلية، تقودها ميريام سكاف زوجة النائب الراحل إيلي سكاف.
أما في العاصمة بيروت، فلم تظهر حتى الآن ملامح اللائحة المدعومة من "تيار المستقبل"، التي كانت تجتاح المقاعد في الجولات السابقة. في حين قامت مجموعة من الفاعليات الثقافية البيروتية، المستقلة سياسيا عن المحاور الحزبية، بإعلان لائحتها ضمن إطار ما يعرف بـ"بيروت مدينتي".
ولا شك في أن الشخصيات المنضوية ضمن لائحة "بيروت مدينتي" تشكل الوجه الحضاري للمدينة في مجالات مختلفة. ولها باع طويل في حياة المدينة ثقافيا وفنيا وعلميا.
لذلك، فإن أي لائحة ستشكَّل في مواجهتها، يجب أن تلحظ اعتبارات كثيرة في مرشحيها لكي تتمكن من المواجهة.
ولعل ما يؤخر إعلان لوائح أخرى هو دراسة هوية المرشحين بشكل دقيق، لأن المؤشرات على الأرض تدل على أن الدعم السياسي من هذا التيار أو ذاك الحزب لم يعد كافيا للفوز بالانتخابات.
لكن عوامل تمويل الحملات الانتخابية، التي طالما لعبت دورا مهما وأساسيا في عمليات الاقتراع، تبقى حتى الآن خارج التداول لدى كل الأطراف السياسية؛ الأمر الذي يفسح المجال أمام مواجهة ديمقراطية.
ويرى مراقبون أن التمويل الذي كانت تحظى به الأحزاب والقوى اللبنانية في الاستحقاقات الانتخابية السابقة كان يتركز على دعم إيران والسعودية، وهما الداعمتان الأساسيتان لتحالفي "14 آذار" و"8 آذار". وبما أن الرياض وطهران تعانيان من أزمات مالية نتيجة تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية، ونتيجة لتدخلاتهما وتمويلهما لحروب ومواجهات على امتداد المنطقة، فإن لبنان سيكون خارج التمويل من الطرفين في هذا الاستحقاق. وخير دليل على ذلك خلو العاصمة بيروت حتى الآن من الإعلانات والمهرجانات الشعبية؛ وهو ما يشير بوضوح إلى عدم وجود سيولة لتغطية كلفة الماكينات الانتخابية.
لذلك، فإن الانتخابات البلدية في هذه الجولة ستتركز على السيرة الذاتية، وعلى قدرات المرشحين في إقناع الناخبين بالإدلاء بأصواتهم لهذه اللائحة أو تلك.
عمر الصلح