اقتصاد الاتحاد الأوروبي في عام 2013
بعد مرور عام على تنفيذ إجراءات التقشف المالية المحكمة من قبل عدد من دول الاتحاد الأوروبي، ظهرت عدة نتائج مشجعة لهذه الإجراءات في عدد من الدول الأوروبية كإيرلندا وإسبانيا.
أنهى الاتحاد الأوروبي عاما صعبا على الصعيد الاقتصادي والمالي، وعلى الرغم من أن النمو ما زال هشا ومعدلات البطالة ظلت عند أعلى مستوياتها، إلا أن هناك ما يبشر بانتهاء الركود الاقتصادي بعد ظهور نتائج مشجعة في عدد من الدول الأوروبية كإيرلندا وإسبانيا، بعد مرور عام على تنفيذ إجراءات التقشف المالية المحكمة، لتشكل على الرغم من محدوديتها بارقة أمل بعد أزمة كادت تعصف بمنطقة اليورو.
وأصبحت إيرلندا المثال الأبرز للتعافي من الأزمة بعد تبني برنامج الدعم من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وتمكنها من التخلي عن هذا البرنامج في نهاية العام المنصرم، وفق ما خطط له الاتحاد الأوروبي الذي سعى من خلال برنامج الدعم، للوقوف عند مكامن الخلل الذي أدى لانهيار النظام البنكي وسوق العقار عام 2008، وبفضل برنامج الدعم سجلت في إيرلندا زيادة فرص العمل للمرة الأولى منذ عام 2007.
ويرتكز نظام الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي أساسا إلى تقديم مساعدات مالية للدول التي عانت من أزمة مصرفية حادة، مقابل الالتزام من جانب هذه الدول بمعالجة الاختلالات المالية وتفادي الوقوع في نفس الأخطاء التي هددت بوقف التعامل باليورو، ويرى الخبراء أنه لولا هذا الدعم لكان وقع الأزمة أشد وطأة على دول كالبرتغال واليونان.
الدولة الثانية التي تسير في طريق التعافي من الأزمة الاقتصادية هي إسبانيا، التي أعلنت عن نيتها التخلي عن برنامج الدعم في 23 من يناير/كانون الثاني 2014، بعد إصلاح النظام المصرفي، وخلق فرص عمل جديدة، بعد أن تم التخلي عن نحو 1.5 مليون وظيفة خلال الأزمة المالية التي عصفت باقتصادها.
وتمكن الاتحاد الأوروبي قبيل نهاية العام المنصرم من التوصل لاتفاق مبدئي لإنشاء الاتحاد المصرفي، على الرغم من الاختلاف في وجهات النظر ما بين الدول في كيفية تطبيق وترسيخ فكرة الاتحاد المصرفي والنقدي، ففي الوقت الذي ترى فيه ألمانيا أن الشراكة بين دول الاتحاد الأوروبي يجب أن تبنى على أساس عقود بين الدول الأعضاء، فإن فرنسا ترى أن فكرة هذا الاتحاد يجب أن تقوم على أساس التضامن.
وسيسمح الاتفاق حول تأسيس اتحاد مصرفي بإنشاء آلية فريدة تحول دون انعكاس مشكلات المصارف في المستقبل على الاقتصاد الإجمالي، ورغم توصل دول الاتحاد إلى اتفاق مبدئي حول طريقة عمل الاتحاد المصرفي، إلا أن عددا من الانتقادات سرعان ما وجهت إليه، إذ وصف رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز الاتفاق بالمقلق والمثير للجدل، وتوقّع أن تمتد المفاوضات لفترة طويلة قبل بدء العمل به.
ويتيح الاتفاق إمكانية إنشاء آلية فريدة لاتخاذ القرار، بما يخص تنظيم الإفلاس المحتمل لمصارف في منطقة اليورو، ومن المفترض أن يسمح بتفادي انعكاس الأزمات المصرفية على مالية دول منطقة اليورو.
ومن المتوقع أن تنطلق آلية القرار عام 2015، وتطبّق مباشرة على المصارف الـ 130 الأكبر في منطقة اليورو، وكذلك على المصارف العابرة للحدود، على أن يتم تكوين مجلس مهمته البت في إعادة رسملة مؤسسة معينة أو تصفيتها.
من جانب آخر فشل الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على تصنيفه الائتماني الممتاز، حيث خفّضت وكالة "ستاندارد أند بورز" في نهاية عام 2013 التصنيف الائتماني طويل الأجل للاتحاد الأوروبي، من المستوى الممتاز AAA إلى مستوى +AA، وعزت الوكالة هذه الخطوة إلى تصاعد التوتر في مفاوضات الميزانية.
وقالت "ستاندرد أند بورز" في بيان لها، إن الجدارة الائتمانية لدول الاتحاد الأوروبي تراجعت بشكل عام، مع زيادة المخاطر على الدعم المقدم للاتحاد من بعض الدول الأعضاء، نتيجة للخلاف الدائر حول مفاوضات ميزانية الاتحاد الأوروبي.
وأشارت الوكالة إلى ضعف ترابط الدول الأعضاء بدرجة قد تجعل بعضها يحجم عن تمويل ميزانية الاتحاد بالقدر المتناسب مع دوره.
ورغم امتلاك أوروبا القدرة على تخطي الأزمة فإن عوامل عدة قد تلعب دورا معطلا منها قرب الانتخابات في عدد من البلدان الأوروبية، مما يصعب من اتخاذ قرارات مصيرية، كما أن أوضاع الاقتصاد العالمي تسودها أجواء عدم اليقين مما قد يؤثر سلبا على منطقة اليورو.
على هذه الحال انهى الاقتصاد الأوروبي عام 2013 على أمل أن يكون العام الجديد عاما التعافي الاقتصادي ودفع عجلة التنمية إلى الأمام.
المصدر: RT + وكالات