هل سترد روسيا ردا تكنولوجيا مناسبا على التحديات العسكرية والتقنية الغربية؟
وصف فلاديمير بوتين في رسالته السنوية إلى البرلمان الدرع الصاروخية الأمريكية لأول مرة بأنها عنصر في منظومة هجومية شاملة تستهدف روسيا. فكيف يمكن أن ترد روسيا على هذا التحدي الخطير؟
وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الرسالة التي بعث بها أمس إلى البرلمان الدرع الصاروخية الأمريكية لأول مرة بأنها عنصر في منظومة هجومية شاملة تستهدف روسيا. وقال:" لقد تجلى لنا الأمر بوضوح، ومفاده أن منظومة الدرع الصاروخية ليست منظومة دفاعية إلا بالإسم، وهي في حقيقة الأمر حلقة هامة في سلسلة القدرات الهجومية الاستراتيجية" .
ولم يتقدم الرئيس الروسي بهذا البيان في رسالته السنوية من قبيل الصدفة. فمن المعروف أن الولايات المتحدة أقرّت منذ مطلع الالفية مخططا طويل الأجل يقضي ببناء منظومة عالمية شاملة من الصواريخ المضادة والرادارات فضلا عن أقمار صناعية حربية وأنظمة ليزر قتالية تحيط بالأراضي الروسية الواسعة شمالا وجنوبا وغربا شرقا وفضاءً أيضا. ووقعت الولايات المتحدة اتفاقيات بنشر صواريخ مضادة والمكونات البرية لمنظومة "إيجيس" في قاعدة ديفيسيلو في رومانيا، ويتوقع أن ينجز هذا المشروع بحلول عام 2015 .
وقد وافقت تركيا على نشر رادار بعيد المدى في المنطقة الواقعة بجنوب شرق البلاد. وتم نشر رادار تابع لمنظومة الدرع الصاروخية في شمال اليابان، ويتوقع أن ينشر رادار آخر من هذا النوع عام 2014، وسمحت النرويج في سبعينات القرن الماضي بنشر رادار بالقرب من الحدود الشمالية الغربية الروسية.
ووافقت بولندا على نشر صواريخ "باتريوت" التكتيكية في قاعدة "مورونت" التي تبعد 100 كيلومتر فقط عن الحدود الغربية الروسية ( منطقة كالينينغراد)، وذلك فضلا عن 26 صاروخا مضادا تم نشرها في ألاسكا بالقرب من الحدود الروسية الشمالية الشرقية ورادارين تابعين للدرع الصاروخية في كل من بريطانيا وغرينلاندا (الدانمارك).
وتجري وزارة الدفاع الأمريكية في الوقت الراهن محادثات حول نشر مكونات الدرع الصاروخية مع كل من جورجيا وأذربيجان وسلوفاكيا وهولندا وتايوان واسبانيا وسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية وغيرها من بلدان العالم.
لكن أهم عنصر للدرع الصاروخية الأمريكية الشاملة هي منظومة "إيجيس" البحرية الحديثة التي تضم رادارات بعيدة المدى وصواريخ مضادة بوسعها اعتراض صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ متوسطة المدى. وتنصب تلك المنظومة المزودة بـ 18 صاروخا مضادا قابلا للتطوير من طراز "أس أم – 3" على 16 طراد ومدمرة ترابط في منطتقي البحر المتوسط والمحيط الهادي. ويخطط لزيادة عدد السفن البحرية الأمريكية المزودة بهذه المنظومة حتى 32 سفينة حربية.
وإذا ألقينا نظرة إلى خارطة توزع مكونات منظومة الدرع الصاروخية الأمريكية الشاملة يتضح أن المنظومة لا تستهدف إيران ولا كوريا الشمالية كما يدعي أنصار حماية العالم الديمقراطي الحر، بل تستهدف بالدرجة الأولى روسيا وقدراتها النووية.
(اضغط على الصورة لمشاهدتها بحجم كبير)
فكيف يمكن أن ترد روسيا على كل ذلك؟ - قال فلاديمير بوتين في رسالته: "يجب ألا يحلم أحد بتحقيق تفوق عسكري على روسيا. لن نسمح بذلك أبدا". وقال نائب رئيس الوزراء الروسي والمسؤول عن مجمع الصناعات الحربية الروسية دميتري روغوزين تعليقا على ما أعلنه بوتين بهذا الصدد، قال إن العقيدة العسكرية الروسية الجديدة تسمح باستخدام ترسانتها النووية حتى في حال استخدام العدو لسلاح تقليدي . وستستخدم لهذا الغرض بلا شك صواريخ روسية من طراز "يارس" وغيرها من الصواريخ الحديثة المزودة برؤوس نووية منشطرة بوسعها تجاوز على أي درع صاروخية أجنبية.
والمقصود بالأمر أنه في حال استخدام الغرب ضد روسيا أي سلاح حديث مستقبلي واعد، بما فيه صواريخ استراتيجية غير نووية وسلاح فرط صوتي تفوق سرعته 7 أضعاف سرعة الصوت وقادر على إصابة أي هدف في كوكبنا خلال ساعتين أو أي سلاح مستقبلي خطير آخر، يحق لروسيا أن ترد على ذلك باستخدام القوة النووية.
وقال بوتين بهذا الصدد في رسالته إن روسيا سترد سياسيا وتكنولوجيا على أي محاولة للتفوق عليها عسكريا. وعلّق على ذلك دميتري روغوزين بقوله: "يجب أن تدرك البلدان الأخرى أن كل ما تتخذه من خطوات لاستحداث سلاح فرط صوتي ذكي يرمي إلى تصفية القدرة النووية الروسية هو خيال، وسيبقى خيالا وحلما". وأضاف قائلا:" إن صندوق البحوث الواعدة سيعمل على إعداد رد عسكري وتكنولوجي روسي على تلك الاستراتيجية مضيفا أن خبراء الصندوق أختاروا 8 مشاريع أساسية و52 مشروعا مساعدا.
المصدر: "RT"