صدور كتاب " روسيا وعالم الإسلام الروسي"
أضيف الى الدراسات الروسية حول الاسلام كتاب جديد اصدره المستشرق المعروف البروفيسور روبرت لاندا صاحب مؤلفات عديدة حول الاسلام في روسيا . وكتابه الجديد "روسيا وعالم الإسلام الروسي " يتناول جميع مراحل تأريخ روسيا من دولة "كييفسكايا روس" القديمة وحتى أيامنا.
أضيف الى الدراسات الروسية حول الاسلام كتاب جديد اصدره المستشرق المعروف البروفيسور روبرت لاندا صاحب مؤلفات عديدة حول الاسلام في روسيا . وكتابه الجديد "روسيا وعالم الإسلام الروسي " يتناول جميع مراحل تأريخ روسيا من دولة "كييفسكايا روس" القديمة وحتى أيامنا.
ويشير الكاتب الى ان الكثير من من تقاليد وعادات الشعوب الاسلامية في روسيا التي طواها النسيان قد حددت هوية وأسلوب تفكير المسلمين في البلاد. وقد تركت آثارها أيضا في عملية نشوء الشعب الروسي بحكم صلاته وتماسه على مدى القرون مع ابناء مختلف القوميات.
ويتناول البروفيسور لاندا مكانة الإسلام ودور المسلمين في الاحداث بعد ثورة اكتوبر عام 1917 ويخلص الى استنتاج مفاده ان البلاشفة أفلحوا في ان يجذبوا الى جانبهم قسما كبيرا من المسلمين في روسيا. وبعد قيام السلطة السوفيتية وفرض الالحاد الشامل في المجتمع وجهت الضربات الى الاسلام والاديان الاخرى ، وحرم المسلمون من محاكمهم الشرعية ومختلف المؤسسات الخيرية وممتلكات الوقف.
ويعيد المؤلف الى الاذهان الآثار الاليمة لأعمال القمع الستاليني التي طالت المسلمين ومناطق سكناهم قبل 10-15 عاما من بدء تنفيذها على نطاق الاتحاد السوفيتي كله. ولكن بالرغم من هذه الجوانب القاتمة شهدت الفترة السوفيتية أيضا النتائج الملموسة لتحديث المجتمع مثل نهوض الاقتصاد وميدان التعليم والضمانات الاجتماعية وازدهار الثقافات القومية وبدء تشكيل الوعي المدني لدى المسلمين.
لقد ازداد تعداد السكان في المناطق الاسلامية في الاتحاد السوفيتي بوتائر سريعة ، وحسب معطيات المؤلف فإن عدد المسلمين بلغ 5ر22 مليون نسمة في عام 1959 ( أي7,10 بالمائة من اجمالي عدد السكان) ،بينما بلغ عددهم 54 مليون نسمة في عام 1989 ، واعترف حوالي 80 بالمائة من المسلمين بأنهم من المؤمنين.
ويعتقد لاندا بأن هيئات المجتمع الاسلامي ومؤسساته ونمط الحياة فيه قد تأقلمت في الاتحاد السوفيتي لحد كبير للتعايش مع النموذج السوفيتي والدولة السوفيتية.
ويعار إهتمام كبير في الكتاب الى الاحداث التي رافقت بدء البيريسترويكا في اواسط ثمانينات القرن العشرين حين رفع في الاتحاد السوفيتي الحظر على ممارسة المسلمين لشعائرهم الدينية وتقاليدهم. وتحولت عودتهم كالسيل الجامح لممارسة معتقداتهم وتقاليدهم الى عملية اطلقت عليها تسمية " الصحوة الاسلامية". علما انها شملت جميع الجمهوريات والاقاليم الاسلامية في الاتحاد السوفيتي. ويشار في الكتاب الى إزدهار أعمال انشاء المساجد وإصدار الكتب الدينية وافتتاح المدارس والجامعات الاسلامية وغيرها . وفي الوقت الحاضر يوجد في روسيا ما يربو على 7500 مسجد ومصلى. كما أفتتحت في البلاد في الاعوام الاخيرة 96 مؤسسة تعليمية إسلامية.
وتجدر الاشارة الى تنامي الصراع في اعوام البيريسترويكا بين اتباع التيار الديني واتباع التيار القومي في المناطق الاسلامية. ويجذب الكاتب الانتباه الى ان القوى القومية المتطرفة واتجاهات التفكير الانفصالية كانت تتغلب على الاسلاميين في خضم الصراع السياسي بين الطرفين. ويبحث في الكتاب سير الاحداث في العقدين الماضيين في شمال القوقاز ولاسيما في جمهورية الشيشان.
وذكر المؤلف لدى تحليل الصلات بين المسلمين في روسيا واخوانهم في العقيدة في الدول الاخرى ان العالم الاسلامي المعاصر يمر حاليا في مرحلة التطور التي يسود فيها عموما تغلب قوى الاسلام السياسي. ويدعو لاندا الى إعارة اهتمام أكبر الى البلدان والمنظمات الاسلامية الاجنبية واجراء دراسة أعمق للعمليات الجارية فيها ويحذر من السماح بوجود ظاهرة الرهاب الاسلامي (اسلاموفوبيا) في روسيا الاتحادية.
ان التفاهم المتبادل مع العالم الاسلامي والتعامل معه – على الصعيد الانساني والثقافي والاقتصادي – هو نتيجة طبيعية للاتصالات على مدى أكثر من ألف عام بين روسيا والعالم الاسلامي.
ان ما يجعل كتاب " روسيا وعالم الاسلام الروسي " ذا قيمة كبيرة ان المؤلف المستشرق المخضرم صاحب عشرات الكتب المكرسة لتأريخ بلدان شمال افريقيا وحوض البحر الابيض المتوسط وفلسطين والضليع في الدراسات الاسلامية والحضارة الاسلامية قد منح في حينه ميدالية " الصداقة " الجزائرية التي استحدثت في الذكرى الخمسين لاندلاع الثورة الجزائرية (1954 – 1962 ) ، وذلك تقديرا لدراسته حول حركة التحرر الوطني الجزائرية.
يوري زينين - موسكو