المسيرة البيضاء
شهد لبنان تحركا لافتا منذ ايام ، تمثل بما بات يعرف " بالمسيرة البيضاء " . مسيرة نظمتها جمعيات اجتماعية متعددة التوجهات ، وذلك استنكاراً للتفجير الذي أودى بحياة اللواء وسام الحسن ومرافقه أحمد صهيون . اختيار الابيض كشعار واسم للمسيرة يدل على ان المشاركين ينادون بالسلام في الارض التي تعرف بارض السلام ، علما ان السلام لم يزرها الا نادرا ولفترات قصيرة .
شهد لبنان تحركا لافتا منذ ايام ، تمثل بما بات يعرف " بالمسيرة البيضاء " . مسيرة نظمتها جمعيات اجتماعية متعددة التوجهات ، وذلك استنكاراً للتفجير الذي أودى بحياة اللواء وسام الحسن ومرافقه أحمد صهيون .
اختيار الابيض كشعار واسم للمسيرة يدل على ان المشاركين ينادون بالسلام في الارض التي تعرف بارض السلام ، علما ان السلام لم يزرها الا نادرا ولفترات قصيرة .
قبل انطلاق المسيرة البيضاء التي تمت الدعوة لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي " فيس بوك و تويتر " اثارت جدلاً واسعا ما دفع بالكثيرين لاعادة قراءة جدوى المشاركة في مسيرة ارادت ان تقول فقط " ان لبنان ليس 14 و 8 اذار " واذا كان كذلك فمن هم المشاركون في المسيرة البيضاء وما هي اهدافهم وتوجهاتهم وخلفياتهم السياسية والاجتماعية ؟ . بالطبع التساؤل في هذا الصدد مشروع لا سيما وانه على الرغم من الاصطفافات الشعبية الكبرى لطرفي المعادلة اللبنانية ( قوى 14 اذار وقوى 8 اذار ) فان احدا لا يستطيع ان ينكر ان هناك طرفا ثالثا لا يرى نفسه سياسيا في الاصطفافين التقليديين . فما هي مكونات الطرف الثالث في لبنان ...
من خلال متابعة للفئات المشاركة في المسيرة البيضاء يمكن تقسيم النخبة المشاركة في التحرك الى عدة اقسام .
القسم الاول : اولائك الذين خاضوا تجربة سياسية في 14 او في 8 اذار ، وتوصلوا الى قناعة مفادها ان ايديولوجية الطرفين المتصارعين في لبنان لا تصب في مصلحة لبنان الوطن لا بل ان بعضهم يعتبر ان طرفي النزاع اللبناني هما في خدمة مصالح خارجية ويعملان ضمن اجندة اقحام لبنان في المحاور المتنازعة في المنطقة عموما ، لذلك كان لا بد من تلبية الدعوة لمسيرة بيضاء للتعبير عن رفضهم للمصالح الخارجية في لبنان .
القسم الثاني : ايضا يتكون من الذين خاضوا تجربة الاحزاب والحركات المنضوية في 14 و8 اذار ، لكنهم توصلوا الى قناعة مفادها ان لا جدوى من الاستمرار في مواجهة لا أفق لها ، والتحاق هؤلاء بالمسيرة البيضاء هو فقط لاثبات عدم جدوى تقسيم البلد بين مشروعين لا افق لهما .
القسم الثالث : ثلة من الشباب المتحمس لايجاد وطن حقيقي يعيشون فيه بسلام وامان بعيدا عن المشاريع السياسية التي لا يعرفون حتى ايديولوجياتها ، لكنهم ملوا من اجترار الشعارات التي تطلقها قيادات ومناصرو 14 و 8 اذار على حد سواء .
القسم الرابع : هم من هواة التظاهر واطلاق الشعارات ويمكن القول ان لا علاقة لهم بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد لكنهم يحاولون ان يجدوا نفسهم في اصطفاف معين خارج عن المألوف ، فلبوا دعوة المشاركة في المسيرة البيضاء .
القسم الخامس : هم اقرباء واصدقاء ضحايا تفجير الاشرفية ، وقد خرجوا تعبيرا عن سخطهم ورفضهم لما يجري من انكشاف للبلد جراء الانقسام الحاد الذي احدثتة قوى 14 و 8 اذار ، وهو ما ادى باعتقادهم الى كشف البلد سياسيا وامنيا .
وبغض النظر عن الفئات المشاركة وخلفياتها فان مشهد حوالي الف لبناني ولبنانية يسيرون بثياب بيضاء وشموع بيضاء من ساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت الى ساحة ساسين في الاشرفية حيث موقع التفجير ، رافعين شعارات لا تنتمي لقبائل وشعوب قوى 14 و 8 اذار لا بل ان معظم الشعارات التي رفعت في المسيرة دعت لمواجهة المشروعين المتصارعين ،من هنا فان لذلك دلالات هامة لا بد لقيادات الطرفين المتصارعين اخذها بعين الاعتبار لاعادة قراءة المشهد اللبناني ، لان اعداد من اختاروا السير بالمسيرة البيضاء قد تزداد يوما بعد يوم ، وقد يعم مطلب رفض " الثنائية الاذارية " المسيطرة في لبنان على كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية الخ .
عمر الصلح
المواضيع المنشورة في "منتدى روسيا اليوم" لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر إدارتي موقع وقناة "روسيا اليوم"