تعرف الشجرة من ثمرتها
لا تشكل الحالة الاقتصادية في ايران وحدها سببا للخروج الى الشوارع و المطالبة باصلاح نظام او الهتاف ضده،
لا تشكل الحالة الاقتصادية في ايران وحدها سببا للخروج الى الشوارع و المطالبة باصلاح نظام او الهتاف ضده، فالاوضاع الاجتماعية و السياسية تلعبان دورا في ايران يبدو انه الاكثر خطرا و تفاقما، لا سيما ان غالبية المعارضة الايرانية هي من الطبقات الثرية الممتلئة جيوبها، و ما حصل من تظاهرات لم يتجاوز بمجمله حدود العاصمة ولم ينتقل منها الى المدن الاخرى او الى الارياف حيث يسكن جزء كبير ومهم من الناس وهم على غير علم بأزمة الريال الايراني و تداعياتها الحادة على النظام قبل الشارع، جزء اخر يتربص بالنظام و يحصي زلاته و نقاط ضعفه بدءا باقليم كردستان الايراني انتقالا الى المناطق الحدودية مع باكستان ذات الغالبية المعارضة، مضافا اليها الغالبية العربية التي تسكن شواطئ الخليج وهي غالبية مهمشة اجتماعيا و ثقافيا و سياسيا و اقتصاديا وليس لها يد لا في الجيش و لا الحرس الثوري و لا البرلمان و لا حتى في بازار طهران.
النظام الايراني يعي تماما أن استشراس الاعداء من الخارج لن يهدد وجوده كما يهدده ايقاظ النعرات القومية و العرقية بسبب الفاقة، وهو مارد لايمكن له ان يستيقظ الا إن احس بالجوع الشديد وهذه قضية يعيها اصحاب القرار الايراني تماما وهم يولونها جل اهتمامهم بتكريس الوعي القومي المتعدد الثقافات في البلد الكبير، لان اللعب على أي مفهوم آخر لن يجدي نفعا خاصة و أن الايرانيين كشعب هم ابعد الناس عن الطائفية الدينية، ولم يعد ممكنا اللعب على أي وتر اخر خصوصا الديني لان الايرانيين وخلال سنوات الثورة يفترض ان يكونوا الاكثر وعيا بخطر الايديولوجيا الدينية حين توظف سياسيا.
خروج الناس الى الشارع في طهران وبعض النقاط الصغيرة داخل البلد كان محصلة للسياسات الداخلية المتبعة من قبل النظام على مدار اعوام الثورة، ومنذ خمسة عشر عاما تقريبا يوم بدأ حديث الشارع الايراني عن جدوى الوقوف بوجه العالم تحت مظلة القضية الفلسطينية و المقاومة والمشاريع القومية كالمشروع النووي، كان الشعار المطروح اتركونا نعيش بسلام وخرجت من جامعة طهران اقذع الشتائم و الشعارات التي تدعو لترك القضية الفلسطينية و التخلي عن حزب الله اللبناني وتدين نظام الولي الفقيه، هي نفسها تخرج الان لتطلب من النظام نفس المطالب لكنها تبدو اقوى في اسبابها المتعلقة أولا بالعقوبات الاقتصادية الدولية على خلفية البرنامج النووي و التي ظهرت نتائجها واضحة بشبه انهيار للعملة الايرانية على الرغم من ان القيادة الايرانية ما زالت تقول إن الاقتصاد بألف خير، وثانيا أن المحيط الايراني برموز مقاومته اصبح يتداعى أمام اعين الثورة الايرانية، وعليه فان النظام في ايران ليس له الان سوى ان يتذوق ثمار شجرة اصبحت بحاجة لمزيد من الرعاية حتى لا يصيبها جفاف نار الثورات المشتعلة في الشرق الاوسط.
بشار النعيمي
المواضيع المنشورة في منتدى روسيا اليوم لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر إدارتي موقع وقناة "روسيا اليوم".