الإعلام والميديا... تقرير وقائع...أم تغيير وقائع
لم أنفك عن التفكير ملياً بعد متابعتي لفيلم Knowing عن دور الاعلام والميديا في احداث دولية محورية بعينها، وقدرته على تغيير عقلية الإنسان قبل تغيير الثقافات أو التاريخ، وإعادة صياغتهما بما يتوافق ورغبة وإرادة صانعهما.
لم أنفك عن التفكير ملياً بعد متابعتي لفيلم Knowing عن دور الاعلام والميديا في احداث دولية محورية بعينها، وقدرته على تغيير عقلية الإنسان قبل تغيير الثقافات أو التاريخ، وإعادة صياغتهما بما يتوافق ورغبة وإرادة صانعهما.
الفيلم knowing (الدّراية / التوقّع) بالعربيّ الذي أنتج عام 2009, تتحدث قصته عن مدرسة ابتدائية تنظم حفلا تذكاريا لطلابها في عام 1958 و تطلب منهم رسم لوحات عن كيفية تخيلهم للمستقبل ثم يتم دفنها في كبسولة تدعى كبسولة الزّمن، و بعد خمسين سنة يتمّ فتحها ليرى أطفال المستقبل ما كان يتخيّله أبناء الماضي ومن هنا تبدأ احداث الفيلم الأكشن....
الفيلم يختصر وبشدة ما جرى في ليبيا وما يجري في سورية حاليا بينما الثورات العربية أخطأت زحفها الى دول كان من المفترض ان تصل اليها وهي بأمس الحاجة للربيع والتغيير الحقيقي. وهو السؤال الذي طالما ما انفككت أفكر به، لكن بعد مشاهدتي الفيلم عثرت على الجواب لهذا السؤال المزمن في الدقيقة الثانية والعشرين من الفيلم، وايضا لا بد من الانتباه الى الدقيقية الثانية حيث يوجد مشهد تظهر فيه أعلام لدول عربية، يبرز واضحاً أن العلمين اللذين وضعا لكل من ليبيا وسوريا في ذلك العام أي عام 2009 وهو تاريخ انتاج الفيلم ، ولم يكن حينها لا ثورات ولا ربيع يجتاح أراضيهما، يختلفان عن علميهما الرسميين. العلم الليبي هو العلم الذي رفعه ثوار ليبيا، أما العلم السوري فهو علم الانتداب الفرنسي، والذي يرفعه ثوار سورية الآن. فيما بقيت أعلام بقية الدول العربية كما هي. مشهد أوقفني كثيراً، وقدم لي إجابات واضحة جداً لما يجري الآن. لكنه أثار لدي في المقابل تساؤلاً أخر، لا يقل أهمية عن تساؤلاتي السابقة وهو: لماذا تم اعتماد هذين العلمين أنذاك في الفيلم، وكيف تمكن مخرج الفيلم وكاتبه من وضع أعلام سترفع بعد سنوات في أحداث دامية يشهدها البلدان الآن.
ربما وبسبب إبداعات الغرب، تمكن الذكاء الغربي من استقراء المستقبل استقراء وصل إلى حد معرفة تفاصيل دقيقة كالعلمين اللذين سيرفعهما "ثوار" كلا البلدين بعد ثلاث أو أربع سنوات، وربما هو التحدث وبدقة عما يخطط له التغيير في هذين البلدين.
أسئلة موجعة، وإجاباتها ربما أكثر إيلاماً. هل بات العرب بالفعل مجرد رقعة شطرنج يحركها الغرب كما يريد، وهل بات العرب خارج التاريخ، والسياسة، والفعل الميداني.
هنا أعود للسؤال الأبرز، لماذا توقف الربيع العربي عند سورية، ولماذا لم يواصل تحركه إلى دول هي بأمس الحاجة الفعلية للتغيير، وأقصد هنا تلك الدول التي لا تزال حتى اليوم ترزخ تحت أنظمة ملكية عفا عليها الزمن وشرب، أنظمة يقبل فيها الرعية يد الملك حتى يرضى عنه!
أنظمة لا تزال تورث فيها العروش للأسر المالكة، فيما لا يحلم فيها المواطن بالوصول إلى منصب محافظ أو وزير، ما لم نطمع بمنصب حاكم أو أمير.
هل يعيش الليبيون والسوريون ديمقراطية في بلادهم، حتى وإن اختلفنا على مفهوم الديمقراطية ونسبيتها. أم أنهم يعيشون تغييرا قائما على دماء أبنائهم البسطاء.
أسئلتي هذه المره سأتركها برسم قارئي هذا المقال.
محمود قنبر
المواضيع المنشورة في منتدى روسيا اليوم لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر إدارتي موقع وقناة "روسيا اليوم"