الإعلام... والأزمة السورية

أخبار العالم العربي

الإعلام... والأزمة السورية
محمود قنبر
انسخ الرابطhttps://arabic.rt.com/news/596072/

مضت فترة ما يقارب العامين على الأزمة التي تجتاح سورية.وسقط عدد كبير من القتلى والجرحى، ونزح لاجئون قدرت أعدادهم بمئات الآلاف  إلى الدول المجاورة لسورية ولا سيما الى تركيا ولبنان والأردن، ووقع دمار هائل في البنية التحتية.

مضت فترة ما يقارب العامين على الأزمة التي تجتاح سورية.وسقط عدد كبير من القتلى والجرحى، ونزح لاجئون قدرت أعدادهم بمئات الآلاف  إلى الدول المجاورة لسورية ولا سيما الى تركيا ولبنان والأردن، ووقع دمار هائل في البنية التحتية.
لقد لعبت وسائل الإعلام ولا تزال تلعب دورا بارزا في الأحداث في هذا البلد، فالإعلام الرسمي السوري يقول إن القنوات "المحرضة والمضللة" تشكل 90% من الأزمة التي تمر بها سورية، بعدما ابتعد هذا الإعلام عن الموضوعية في حربه النفسية لقلب الحقائق، وتشريع التفتيت والإيحاء بضرورة تقسيم هذا البلد والاعتداء على الرموز الوطنية مثل محاولة تغيير العلم الوطني والإساءة إلى الجيش العربي السوري وكافة منظمات الدولة ومؤسساتها الحكومية. وحسب التعبير الرسمي فإن إطلاق الأكاذيب والفبركات الإعلامية يندرج ضمن الحرب النفسية التي تهدف إلى التأثير على نفسية المواطنين السوريين لإسقاط الدولة. كما يؤكد الإعلام الرسمي أن سورية ستنتصر وستُفشِل المؤامرة كما أفشلت سابقا كافة المخططات والمؤامرات ضد هذا البلد "الممانع" والداعم الأول للمقاومة.

إننا نشاهد يوميا في النشرات الإخبارية للقنوات السورية التقدم الكبير الذي يحققه الجيش العربي السوري على المجموعات الإرهابية المسلحة، حسب الوصف الرسمي. بالإضافة إلى كشف الحقائق عن الأدوار التي باتت تلعبها دول عربية وغربية ضد هذا البلد... وغيره من الأمور الكثيرة.
وعلى الجانب الآخر، نرى المحطات المضللة، كما يصفها الإعلام السوري، تواصل تغطياتها للأزمة السورية من خلال ضخ نشرات كاملة حول ما يدور في هذا البلد مستعينة بمراسلين ميدانيين لا صلة لهم بالإعلام بتاتا، أو كما يسمونهم "الناطقون باسم تنسيقيات الثورة في مختلف المحافظات السورية"، حتى أنهم باتوا المصدر الوحيد لتلك القنوات بسبب منع دخول مراسلين لها إلى الأراضي السورية، باستثناء الدخول غير القانوني لبعض المراسلين التابعين لقنوات عربية معينة . كل ذلك لم يمنع من تواتر الأخبار عبر استخدام وسائل الاتصال الحديثة التي ساهمت في نقل الصورة من جميع أنحاء سورية إلى العالم. وإذا كانت الجهات الرسمية تصف ما يحدث في سورية بالمؤامرة الكونية، فإن تلك القنوات تقول أن ما يجري في سورية ثورة ضد الظلم والطغيان، وتسخر كل إمكانياتها المادية والبشرية للنصر في تلك المعركة. بل إن هناك من يقول إنه لو لم تغط القنوات العربية والأجنبية الأحداث السورية بهذا الشكل لارتكب النظام مجازر فظيعة بحق الشعب السوري حسب تصورات المعارضة المسلحة ...

لقد ظهرت مؤخرا وثائق في إحدى القنوات العربية تشير إلى تورط روسيا بحادثة إسقاط الطائرة التركية مما استوجب ردا حاسما من الخارجية الروسية بنفي ذلك. وادعت قناة تلفزيونية بأن القوات السورية انتشلت الطيارين التركيين وأعدمتهما وهو ما نفاه وزير الدفاع التركي نفسه .. وهناك الكثير والكثير من التدليس الإعلامي المغرض الذي يبدو نشاطا استخباراتيا أكثر منه نشاطا إعلاميا. هذا النشاط المخالف لروح مهنة الصحافة وأهدافها السامية يوقعنا في إشكاليات كبيرة، ولكن طالما هناك ممولون لهذه النشاطات، فعلى الضمير المهني والأخلاقي السلام. وقائع كبيرة وكثيرة لن أطيل في كتابتها ولكن الأهم من ذلك أن هناك سؤالا مهما، ألا وهو: ما ذنب المواطن السوري في الداخل والخارج في الحرب الإعلامية التي تتواصل بين الإعلام السوري الرسمي من جهة والعربي والأجنبي من جهة ثانية؟ حرب إعلامية تجعله تائها ومتخوفا من المستقبل... ويحتار من يصدق ... بل حتى أن المشاهد العربي في كل بقاع الأرض بات يشكك في ما ينشره الإعلام السوري والإعلام المضاد أيضا، لأنهما باتا في قلب حرب مصيرية يسعى كل منهما إلى تحقيق النصر فيها بأي ثمن كان، حتى ولو على حساب دم الشعب السوري ومستقبله، وسيادة البلاد ووحدة أراضيها وشعبها..


محمود قنبر

(المواضيع المنشورة في منتدى روسيا اليوم لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر إدارتي موقع وقناة "روسيا اليوم").
المزيد من مقالات محمود قنبر على مدونات روسيا اليوم

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا