مؤرخ فرنسي .. ونظرة مغايرة إلى غزة في مؤلف جديد
ألف المؤرخ الفرنسي جان بيير فِيلْيو بعد عدة زيارات قام بها إلى غزة كتابا صدر مؤخرا في باريس، تناول فيه مكانة المدينة في تشكيل التاريخ الفلسطيني وأهميتها المركزية في حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وكان ذلك موضوع المقابلة التي أجراها معه موفد قناة "روسيا اليوم".
ألف المؤرخ الفرنسي جان بيير فِيلْيو بعد عدة زيارات قام بها إلى غزة كتابا صدر مؤخرا في باريس، تناول فيه مكانة المدينة في تشكيل التاريخ الفلسطيني وأهميتها المركزية في حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وكان ذلك موضوع المقابلة التي أجراها معه موفد قناة "روسيا اليوم".
وفي ما يلي نص المقابلة
س- لماذا قررتم التوجه إلى غزة وكتابة تاريخها؟
ج - أنا مؤرخ وبروفيسور في باريس. ومنذ 30 عاما وأنا أهتم بهذا الموضوع، ولاحظت أنه لم يعالج بالطريقة التي قمت بها. كانت غزة تُعامل دائما كأنها على الهامش، كما لو أنها ثانوية، ما بعث لدي الدهشة، ذلك لأن غزة على العكس تماما. لقد كانت في قلب التاريخ الفلسطيني منذ النكبة. ففي غزه نشأت حركة الفدائيين وفي غزه ولدت نواة حركة فتح وفي غزه كانت المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي عام 67 وهي الأقوى، واستمرت لأربع سنوات. وفي غزه ولدت حماس وفي غزه اشتعلت الانتفاضة الأولى وفي غزه استقرت السلطة الفلسطنية. و من هناك بدأ الطلاق المستمر بين حماس وفتح وهذا هو التاريخ الذي أردت أن أسرده واضعا غزه في قلب الاحداث.
س- ماذا اكتشفتم في غزة؟
ج - أولا أجزاء كاملة من التاريخ الفلسطيني لم أكن أعي حجم أهميتَها. مثلا بداية شتاء عام 1948 كان أكثر فظاعة مما تحدث عنه الآخرون. فهناك من مات من الجوع وهناك من مات من البرد وكل هذا اختفى بشكل نسبي حتى من أكثر الروايات قسوة. هناك أيضا الجانب المتعلق بالمقاومة لأول احتلال عام ستة وخمسين وسبعة و خمسين وكانت قوية جدا و شملت كل عناصر المقاومة، بدءا من البعثيين وحتى الاسلاميين. هناك أيضا الطريقة التى صمدت بها غزه لاربع سنوات من خلال معارك قوية ضد الاسرائيلين حتى عام واحد وسبعين وبعدها سقطت بسبب الهجوم الكبير الذي تعرضت له وكان شارون هو الذي حطمها.
س- هل تعتقدون أن الغرب يعرف حقيقة غزة؟
ج - اعتقد ان هناك الكثير من الافكار المسبقة والنمطية عن غزه وهو ما يمنع رؤية الحقيقة، ولهذا حاولت جمع هذه الحقيقة بشكلها التاريخي. بشكل اساسي في غزه، كما فى المناطق الاخري، اغلبية ساحقة من الناس يريدون ان يعيشوا حياة طبيعية، وهم ليسوا مقاتلين ولا نشطاء، وحتى هؤلاء السكان لديهم شعور وطني قوي، لان التاريخ صنع في غزه شعور بالوطنية الفلسطنية اقوى من أماكن أخرى، فهي منطقة مغلقة وأقول أن امتلاك العلم الفلسطيني في غزه يبدو تلقائيا أكثر من المناطق الأخرى، ذلك لأنها الأرض الوحيدة من فلسطين التاريخية التى لم تكن لا اسرائيلية و لا أردنية.
س- إذا أردت أن توجه رسالة اليوم إلى الغرب فما هي هذه الرسالة؟
ج - رسالتي بسيطة جدا. غزه اولا.. يجب البدء بغزه إذا أردنا عملية سلام صادقة.. يجب الا نخدع أنفسنا.
وفي غزه يجب وضع أسس هذا السلام، إذ لا توجد مشكلة مستوطنات ولا مشكلة حدود فيها. لدينا مشاكل تتعلق بالاحترام والمساواة فى التعامل بين الشعبين الاسرائيلي والفلسطيني وهذا ما يجب العمل عليه واعتقد ان هذا سيكون المحك لتحقيق سلام صادق وحقيقي.
س- هل تعتقدون أن الفلسطنيين والإسرائليين يقبلون بوجود بعضهم البعض؟
ج - أعتقد أنه وفي جميع الأحوال لا يوجد بديل آخر لهذا التعايش. لا يعني ذلك بالضرورة وجود الكثير من المشاعر الطيبة المشتركة، لكن فقط الإعتراف بأنه لا يوجد مكان آخر غير هذا المكان وهو مقسم بينهم.