الثقافة التترية رافد يصب في نهر الثقافة الروسية الكبير
يتشكل المجتمع الروسي من مكوِّنات ثقافية متعددة تمثل الهـوية الوطنية للبلاد. والثقافة التترية هي إحدى الثقافات العريقة التي تشكل رافدا يصب في النهر الكبير للثقافة الروسية. اجرت قناة "روسيا اليوم" مقابلة مع الشاعر والمترجم الروسي التتري رافيل بوخاريف.
يتشكل المجتمع الروسي من مكوِّنات ثقافية متعددة تمثل الهـوية الوطنية للبلاد. والثقافة التترية هي إحدى الثقافات العريقة التي تشكل رافدا يصب في النهر الكبير للثقافة الروسية. اجرت قناة "روسيا اليوم" مقابلة مع الشاعر والمترجم الروسي التتري رافيل بوخاريف.
س: نعلم ان المجتمع الروسي يتكون من العديد من القوميات والاثنيات. حدثونا رجاء عن طبيعة الشعب التتري وعلاقاته مع الشعوب الاخرى.
ـ سؤال جيد ولكن الإجابة عنه من الصعوبة بمكان. فمن جهة ان روسيا بلد متعدد القوميات واللغات والثقافات، ومن جهة أخرى فالوطن واحد... روسيا. بالنسبة لي، فعندما أسأل عن المكون الجوهري للقومية الروسية أجيب بأنه التعددية. نعم.. هذه الفسيفساء من الثقافات هي المكون الأساس للوطن الروسي. أما ما يتعلق بخصوصية الشعب التتري، فهي تتشكل من تاريخه على هذه الأرض. ويكفينا ذكر أن التتر شاركوا بقوة في صياغة التاريخ السياسي لروسيا، وليس مصادفة أن تكون اللغة التترية، لغة الدبلوماسية في القرن السادس عشر وكان بلاط القيصر يهتم بتطبيقها.
س: يعيش في موسكو قرابة 900 ألف تتري. ما هو الحضور الثقافي التتري في العاصمة الروسية؟
ـ المسألة أن التتر في موسكو لا يشعرون بأنهم جالية تمثل شعبا آخر. فهم يعيشون هنا منذ أكثر من ثمانمئة سنة. وهناك شوارع وميادين ومنشآت تحمل أسماء تترية. أما ما يتعلق بتواصل هؤلاء الناس مع الثقافة التترية، فحالهم حال القوميات الأخرى التي تعيش في العاصمة. يشاركون في الاحتفالات القومية التي تقام بين الحين والآخر ويزورون المتاحف التي تذكرهم بأسلافهم ويرتادون المطاعم التي تقدم وجباتهم. المسألة من هذه الناحية غير معقدة. ولكني أريد الإشارة هنا إلى قلة المدارس التي تعلم اللغة التترية. فحبذا لو تكون أكثر عددا. هذا يعود بالفائدة إلى الجميع، سواء إلى سكان العاصمة من أصول تترية أو إلى الراغبين بتعلم هذه اللغة
س: وماذا عن التأثير المتبادل بين اللغتين التترية والروسية؟
ـ مثلما ذكرت، فالشعبان التتري والروسي تجمعهما قواسم مشتركة كثيرة، وهي مندمجة في شرايين ثقافة الشعبين. وبإمكاننا رؤية مظاهر عديدة لذلك ربما يكون الملبس أكثرها وضوحا. وإذا جئنا إلى سؤالكم حول التأثر والتأثير بين اللغتين الروسية والتترية، فإن ذلك سيأخذ منا وقتا طويلا. ولكن وبشكل سريع أستطيع أن أقدم مثالا واحدا وهو أن غالبية الأسماء التي تبدأ بحرف a في اللغة الروسية تعود إلى اللغة التترية. وهذا يكفي لتقديم فكرة واضحة عن مدى الترابط بين الثقافتين.
س: وما هي انطباعاتكم عن معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي شاركتم فيه؟
ـ كنت عضوا في وفد الكتاب الروس إلى المعرض. عقدنا جلسات كثيرة مع المثقفين المصريين وناقشنا آفاق الثقافتين العربية والروسية. لقد حققت رغبتين في هذه الزيارة: الأولى هي رؤيتي للقاهرة والثانية الحنين إلى التواصل مع المثقفين العرب. ذلك التواصل الذي شهد فجوة في السنوات العشرين الأخيرة. في الحقيقة دائما ما يحيرني هذا السؤال: لماذا كنا أكثر قربا من الشرق قبل أكثر من ألف عام بينما نبتعد عن بعضنا البعض اليوم؟ مع أننا نعيش ما يسمى بالعولمة! ما أعنيه أن الإسلام وصل إلى تتارستان مباشرة من بغداد عندما أرسل الخليفة المقتدر بالله وفدا إليها قبل ألف عام، ومن يومها تأسست العلاقات بيننا وبين العالم العربي. فلماذا اليوم لا نكاد نعرف شيئا عما يدور هناك؟ ولكن يبدو لي إن كل شيء يسير بالمقلوب..
س: لنتحدث قليلا عن ابداعكم.
ـ هذا الكتاب له منزلة خاصة لدى الشعب التتري، لذلك عمدت لترجمته إلى اللغة الإنجليزية. كتبه الشاعر التتري الشهير قورغلي عام ألف ومئتين وثلاثة وثلاثين. ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا الكتاب والقرآن الكريم متواجدان في كل بيت تتري. كانت الأسرة تضعه في صندوق العروس قبل انتقالها إلى بيت زوجها. وكما يشير العنوان، فالكتاب يتحدث عن قصة يوسف في القرآن، ولكن الشاعر القديم كتبها باللغة التترية البسيطة ليفهمها قومه، وذلك بعد أن استخلص ما فيها من عبر وحكمة واخلاق، فقدمها بأسلوب سهل وجميل.
س: ولماذا اخترتم هذه القصة بالذات من القرآن؟
ـ الجواب بسيط، فهي أحسن القصص حيث جاء في سورة يوسف: "نحن نقص عليك أحسن القصص". إن في قصة يوسف ليس العبر والأخلاق فقط، وإنما الحب كذلك، وخيانة الاخوة. وبها الكثير الكثير مما يمكن أن يتعلم منه الناس.