إعدام تروي ديفيز بعد 20 عاماً من صدور الحكم وفشل الحملات الدولية لتخفيفه
نفذت سلطات ولاية جورجيا في 21 سبتمبر/أيلول حكم الإعدام بتروي ديفيز بعد فترة انتظار طال أكثر من 20عاماً، بين إصدار الحكم وتنفيذه ، وشهدت محاولات فاشلة لتخفيف الحكم. ونفذ حكم الإعدام بواسطة حقنة مميتة، ليعلن أحد مسؤولي السجن حيث نفذ الحكم على الهواء مباشرة في تمام الـ 11:08 بحسب التوقيت المحلي وفاة ديفيز البالغ من العمر 42 عاماً.
نفذت سلطات ولاية جورجيا في 21 سبتمبر/أيلول حكم الإعدام بتروي ديفيز بعد فترة انتظار طال أكثر من 20عاماً، بين إصدار الحكم وتنفيذه ، وشهدت محاولات فاشلة لتخفيف الحكم. ونفذ حكم الإعدام بواسطة حقنة مميتة، ليعلن أحد مسؤولي السجن حيث نفذ الحكم على الهواء مباشرة في تمام الـ 11:08 بحسب التوقيت المحلي وفاة ديفيز البالغ من العمر 42 عاماً.
وتذكر وسائل الإعلام المحلية ان تروي ديفيز تخلى عن حقه بطلب عشاء خاص، وانه أمضى مساءه الأخير برفقة أقاربه وأصدقائه، وبعض من تعاطف معه.وفي تعليقه على الحالة النفسية لتروي ديفيز قال محاميه انه كان يبدو نشطاً ومنتعشاً، مشيراً الى انه كان متماسكاً ويمضي معظم وقته في الصلاة، وانه كان يـأمل حتى اللحظات الأخيرة بتخفيف الحكم.
هذا ولم تصدر أية تعليقات من مسؤولي الولاية أو أجهزة الأمن حول تنفيذ حكم الإعدام بتروي ديفيز، المدان بقتل رجل شرطة في أواخر ثمانينات القرن الماضي بمدينة سافانا.
وقد وقعت جريمة القتل في أغسطس/آب 1989 حين شاهد الشرطي مارك ماكفايل أثناء تأديته عمله الإضافي حارساً لأحد مطاعم Burger King شجاراً بين رجلين، فحاول الفض بينهما خاصة حين راح أحدهما يكيل ضرباته للآخر، الذي اتضح لاحقاً انه مشرد، فما كان من الأول إلا ان أخرج سلاحاً نارياً وأطلق الرصاص فقتل ماكفايل الذي ترك من بعده أرملة وطفلين.
وبحسب التحقيقات الأولية آنذاك ثبت ان طرف العراك الذي أطلق النار هو تروي ديفيز.وخلال البت القضائي في هذه القضية في عام 1991 أقسم الكثير من الشهود أمام هيئة المحلفين انهم رأوا تروي ديفيز وهو يطلق النار، في حين أكد اثنان منهم ان ديفيز اعترف بنفسه لهما بانه قتل الحارس ماكفايل في موقف السيارات.
وقد أكدت نتيجة الفحص الجنائي مقتل ديفيز برصاصتين أطلقتا من مسدس، على الرغم من تعذر العثور على أداة الجريمة ذاتها، ليصدر الحكم بالإعدام في أغسطس/آب من العام ذاته.
وفي إطار تغطيتها للحدث ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية ان تروي ديفيز وجه كلماته الأخيرة لوالد وابن وزوجة القتيل الذين حضروا تنفيذ الحكم، وقال لهم "أنا برئ. لم يكن لدي آنذاك أي سلاح. أنا لم أقتله. فليبارككم الرب وليبارك أرواحكم."
وأضاف معرباً عن أمله بأن يعاد البت في قضيته بعد موته، وان "تتحقق العدالة" وتبرأ ساحته. يذكر ان تروي ديفيز نفى نفياً قاطعاً ضلوعه بجريمة القتل، وكان قد تقدم مرارأً بطلب الاستئناف وبتغيير فريق محاميه، وحاول شد انتباه أكبر قدر ممكن من الشخصيات المعروفة.
وقد شهدت القضية التي حظيت اهتمام شعبي كبير في الولايات المتحدة منعطفاً محوريأً، وذلك حين غير 7 شهود أقوالهم، وهم من الشهود الـ 9 الذين استندت النيابة العامة في موقفها المتشدد على أقوالهم، اذ أعلن هؤلاء تعرضهم للضغط الشديد من قبل الشرطة أثناء التحقيق.
إلا ان المحكمة رفضت كل الشكاوى والطلبات المقدمة لها بهذا الشأن، معللة موقفها هذا بان تروي ديفيز لم يقدم اي دليل قوي يثبت براءته، مما أدى الى مشادات قضائية أسفرت عن تأجيل تنفيذ الحكم 4 مرات.
قرر عدد من المؤسسات الأهلية في أمريكا الدفاع عن تروي ديفيز ومنها جمعية الدفاع عن حقوق المواطنين السود في الولايات المتحدة، بالإضافة الى تبني الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر والواعظ الشهير آلفرد شاربتون الموقف ذاته.
وبدأت قضية تروي ديفيز الواسعة بالانتشار عبر وسائل الإعلام تأخذ بعداً ذا طابع دولي، فانضم عدد من المسؤولين من خارج البلاد للمطالبة بإعادة النظر في القضية. من هؤلاء بابا روما بينديكت الـ 16 وديزموند توتو القس الجنوب افريقي، أول أسود يحوز على جائزة نوبل للسلام ، بالإضافة الى منظمة "أمنيستي" المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان.
وفي أغسطس/آب أوصت المحكمة العليا الأمريكية بإعادة النظر بملابسات القضية، والأخذ بعين الاعتبار المعطيات والأددلة الجديدة وكذلك بشهود جدد، وذلك في سابقة تاريخية تحدث على الأراضي الأمريكية للمرة الأولى منذ 50 عاماً.
وبعد مرور عام من البت بالقضية وفقاً للشروط الجديدة خلصت المحكمة الى ان الحكم بإعدام تروي ديفيز عادل، واصدرت قرارأً يقضي بأنه غير قابل للاستئناف.
وقد علق القاضي الذي أصدر الحكم ويليام مور ان "الأدلة المقدمة من جانب فريق الدفاع لم تسمح ولو جزئياً بإعادة النظر بالحكم الصادر."
لم يستسلم تروي ديفيز لهذا القرار اذ واصل تقديم مطالبه بالاستئناف، إلا ان المحكمة العليا رفضت جميع مطالبه، كما رفضت لجنة الولاية الخاصة بالعفو والإفراج قبل انتهاء مدة الحكم في 19 سبتمبر/أيلول طلبه الأخير بتخفيف الحكم الى السجن المؤبد، على الرغم من عريضة مناشدة ضم فيها 650 ألف شخصاً أصواتهم لصوت ديفيز، ليؤكد قرار الحكم بالإعدام ولينفذ بعد مرور أقل من 48 ساعة من ذلك التاريخ.
وقد حضر عدد من المتحمسين لتخفيف الحكم عن تروي ديفيز الى السجن قبل تنفيذ الحكم بساعات وهم يرفعون لافتات تطالب بإعادة النظر بالقضية، انطلق بعضهم من الدوافع الإثنية تضامناً مع ديفيز الأسود، كما كان قد تجمع عشرات الأشخاص أمام المحكمة العليا في واشنطن.
ولم يقتصر نشاط جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان في الآونة الأخيرة على الدعوة لتخفيف حكم الإعدام الصادر بحق تروي ديفيز على الولايات المتحدة فحسب، اذ شملت أنشطة هذه الجمعيات تظاهرات واعتصامات أمام عدد من السافارات الأمريكية في بعض دول الاتحاد الاوروبي، وكذلك على عتبات البرلمانات في أوروبا، أملاً بأن تكلل جهودهم بالنجاح، والحيلولة دون تنفيذ الحكم بناءً على أخطاء رافقت البت في ملابسات القضية.
وفي خضم الأصوات الكثيرة المطالبة بتخفيف الحكم، بالكاد لم يكن يسمع صوت المتضامنين مع أسرة الشرطي القتيل، الذين حفرت في ذاكرتهم إفادات بعض الشهود بأن "ابتسامة عريضة ارتسمت على وجه ديفيز بعد ان أطلق النار على ماكفايل."
أما أسرة الضحية فقد أعربت عن سعادتها لفشل ديفيز بتغيير حكم الإعدام الصادر بحقه وكذلك لتنفيذ هذا الحكم. وفي هذا الصدد قالت أرملة القتيل جوان ماكفايل هاريس "لقد كان لديه الكثير من الوقت ليثبت براءته. انه مذنب."
وقد لاحظ المتابعون لسير الأحداث انه يصعب وصف وسائل الإعلام الأمريكية التي غطت القضية بأنها متعاطفة مع تروي ديفيز. ويعزو هؤلاء ذلك الى ان الأمريكيين بشكل عام يستنكرون مقتل رجل شرطة او أمن، وانه بالنسبة لهم سواء ما اذا وقعت الجريمة أثناء تأيته واجباته ام لا.
وربما كان التعاطف مع مارك ماكفايل مضاعفاً مقارنة مع رجال الامن الآخرين، نظراً للصورة الرومانسية التي رسمها له الإعلام الأمريكي كرجل شرطة هرع لمساعدة مشرد من اعتداء أحدهم عليه، على الرغم من انه لم يكن في وقت عمله.
وظهر بعض القنوات التلفزيونية متحمساً لتنفيذ الحكم من خلال التأكيد باستمرار على ان الأدلة التي كان ديفيز يستشهد بها لم تكن كافية لكي تغير المحكمة قرارها الأول.
حكم الإعدام في أمريكا ووسائل تنفيذه
وبتنفيذ حكم الإعدام هذا تكون ولاية جورجيا قد نفذت 52 حكماً منذ عام 1973 الذي شهد إعادة العمل بحكم الإعدام، وليحتل تروي ديفيز الرقم 29 في قائمة من طبق حكم الإعدام بهم بواسطة حقنة سامة.
هذا ولا يزال 99 شخصاً حكم عليهم بالإعدام في جورجيا، ينتظرون تنفيذ الحكم.تعتبر وسيلة تنفيذ حكم الإعدام بواسطة الحقن السامة واحدة من وسائل تنفيذ هذا الحكم في أمريكا، حيث لا تزال بعض الولايات تشرع الإعدام.
ويحقن المحكوم بالإعدام في بادئ الأمر بمواد مخدرة للألم، ومن ثم بحقنة بعقاقير قوية توقف القلب والتنفس في آن واحد، الأمر الذي يؤدي الى الوفاة في غضون دقائق.
ولا يتم إعلان الوفاة رسمياً إلا بعد ان يتحقق طبيب السجن منها. بعد ذلك يجب تشريح الجثة ومن ثمة إما تسلم جثته لأقربائه وإما تدفن على نفقة الولاية.
ويطبق حكم الإعدام في الولايات المتحدة بـ 5 وسائل هي .. الحقن وتطبق في 36 ولاية والكرسي الكهربائي وتستخدمه 9 ولايات وحجرة الغاز في 5 ولايات، بينما تطبق ولايتان الحكم بالإعدام شنقاً وينفذ الإعدام رمياً بالرصاص في ولايتين أيضاً.
ويحق لمن يواجه الحكم بالإعدام في كل الولايات استبدال أي من الوسائل الـ 4 الأخيرة بالحقنة باستثناء ولاية أوكلاهوما حيث ينفذ الحكم رمياً بالرصاص بصرامة.
يذكر ان نقاشات حادة تدور في الولايات المتحدة حول تشريع الحكم بالإعدام، ويتوقع مراقبون ان تحتدم هذ النقاشات عقب تنفيذ الحكم بتروي ديفيز، الذي أعدم بعد أكثر من مرة أجل فيها تنفيذ الحكم به، والذي رافقت قضيته ضجة إعلامية كبيرة في أمريكا وخارجها.
المصدر: وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء