اقوال الصحف الروسية ليوم 25 سبتمبر/ ايلول
سلطت صحيفة "أرغومنتي نيديلي" الضوء على الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف إلى واشنطن الأسبوع الماضي، مبرزة أن النتائج التي تم الإعلان عنها هزيلة. فقد انحصرت في توقيع مذكرة تفاهم بين وزارتي الدفاع في البلدين، وفي بيان مشترك عن العلاقات الدفاعية بين البلدين.
وتنقل الصحيفة عن مصادر في الوفد الأمريكي أن أكثر النقاط أهمية بقيت وراء الكواليس، حيث تفيد بعض المصادر الغربية بأن روسيا قررت عدم مقاومة نشر عناصر الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا الشرقية. وأكد سيرديكوف للأمريكيين أن بلاده لن تنشر صواريخ إسكندر في مقاطعة كاليننغراد غربي البلاد. وليس من المستبعد أن تدخل محطة المراقبة الرادارية الروسية "غابالا" ، المنصوبة في أذربيجان، ضمن منظومة الإنذار المبكر التابعة لأنظمة الدفاع الصاروخي لحلف الناتو. ويضيف المصدر الامريكي أن سيرديوكوف طرح على الأمريكيين اقتراحا يقضي بالتعاون على بناء طائرة شحن جديدة على قاعدة الطائرة الروسية "آن- 124 رسلان". وعرض كذلك بيع الجيش الأمريكي 20 مروحية نقل من طراز "مي-17". وفي المقابل، والحديث دائما للمصدر الأمريكي، طلب البنتاغون من موسكو إرسال مدربين عسكريين ممن لديهم خبرة قتالية في أفغانستان إلى وحدات القوات الخاصة في الجيش الأمريكي. وبهذا الشأن، تنقل الصحيفة عن مصدر في الوفد الروسي أن الحديث يدور في الوقت الراهن عن عدد قليل من الخبراء والمدربين. وبالإضافة إلى ما تقدم طلب الأمريكيون من الوزير الروسي بحث إمكانية إرسال عدد من الوحدات المقاتلة إلى أفغانستان. لكن الوفد لم يجب لا بالنفي ولا بالإيجاب نظرا لأن مثل هذا الأمر يتطلب اتخاذ قرار سياسي من القيادة العليا. وتعلق الصحيفة على ذلك بالقول إنه ليس من المستبعد أن يحقق الأمريكيون مبتغاهم... حيث تسري شائعات تفيد بأن القوات الخاصة الروسية يمكن أن تشارك في أعمال إحدى الشركات الأمنية الخاصة.
توقفت مجلة "إكسبيرت" عند تصريح، أدلى به مؤخرا إيغور يورغينس مدير معهد التنمية المعاصرة الروسي يؤكد فيه أن الشعب الروسي يمثل العائق الرئيسي أمام تقدم عملية التحديث. وتقول المجلة إن الشعب الذي يصفه يورغينس باللامبالي وعديم الفائدة، صبـر عليه وعلى رفاقـه، الذين يسمـون أنفسـهم بالديموقراطين، مدة 20 عاما، أملا في الإصلاح والتحديث. لكن هؤلاء مستمرون في ممارسة هوايتهم المفضلة في النقد والتنظير، دون أن يُظهروا أيةَ رغبةٍ في تحمل المسؤولية عن المآسي التي سببوها لهذا الشعب العظيم... وتضيف المجلة أن المنطق الذي يتحدث به يورغينس ورفاقه الديموقراطيون، يقول بأن الأطباء مهرة مبدعون، لكن المرضى قذرون وغير قابلين للشفاء. ويستشف من هذا المنطق أن الإصلاحيين لا يمكن الاستغناء عنهم، أما الشعب فمتخلف، ولا يستطيع مواكبة مواهبهم الخلاقة. وتعليقا على أطروحات يورغينس تقول المجلة إن الشعب الروسي، أقام واحدة من أعظم الدولِ، وأكبرِها مساحة في العالم، وحمى حياضَها بكفاءة واقتدار على مَـر القرون. والشعب الروسي، هو الذي أرسل أول مركبة وأول إنسانٍ إلى الفضاء. وهذا الشعب تمكن من تجاوز خطر الانقراض، والانزلاق في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر. هذا في الوقت الذي كانت فيه دولة يورغينس ورفاقه الإصلاحيين مشغولة تماما عن الشعب البسيط وهمومه. وبغض النظر عن ذلك، فإن هذا الشعب الذي يصفه هؤلاء بغير العصري ولا يرتقي إلى مستوى المواطن الأوروبي المتوسط، تمكن من التغلب على واقعه الصعب، وزحف ببطء خارجا من الهوة بوتيرة لم يسمح بتسارعها المسؤولون أنفسهم..
ويتوقف كاتب المقالة عن عبارة يورغنز التي جاء فيها "أن المواطن الروسي تجاوزه العصر، ولن ينضج لفهم الديموقراطية حتى عام 2025" . ويوضح الكاتب أن تلك العبارة تنبع من فهم يورغينس أن التحديث على النمط اليورغينسي، لن يحظى بدعم الناخب الروسي أبدا. ويستطرد الكاتب أن ما تقدم لا يعني أن يتوقف المقربون إلى السلطة عن إدانة علل المجتمع، لكن عليهم فعل ذلك بطريقة عكسية. فبدلا من القول: "أنتم تحتضرون" ينبغي أن يقال: "نحن نعمل كذا وكذا لكي ننقذكم من الموت". لأن من شأن ذلك أن يحرك المجتمع بايجابية. أما تلك الأحاديث عن شعب المستقبل على شاكلة ما قاله يورغينز، فلن تنتج إلا تشكيكا بأصحابها.
بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين، لانطلاق أولِ حركة تحـرّر في القارة السمراء، تنشر مجلة "تريبونا" مقالة سلطت من خلالها الضوء على الأوضاع الراهنة في تلك القارة. وجاء في المقالة أن الدول الإفريقيةَ كلها، ذاقت طعم الاستعمار. فقد كانت غالبيتها مستعمرة من قبل فرنسا، وكانت نيجيريا تحت الحكم البريطاني والكونغو مستعمرة بلجيكية. وكما كانت الهند تعتبر لؤلؤة التاج البريطاني، فإن الكونغو كانت تعتبر كذلك بالنسبة للمملكة البلجيكية. وحصل المستعمرون على ثروات كبيرة من تجارة الماس والذهب والبوكسيت واليورانيوم والنفط. ونظرا لغنى تلك البلاد، فإن معظم الدول الإفريقية قدمت دماء كثيرة من أجل الاستقلال. لكن ذلك الاستقلال ظل أسميا فقط لفترة طويلة من الزمن، لأن تلك البلاد لم تمتلك حرية الاختيار السياسي والاقتصادي. وتضيف المقالة أن الدول الإفريقية ما أن نالت استقلالها حتى باشر الاتحاد السوفييتي بتزويدها بالمدرسين والأطباء والمهندسين والخبراء العسكريين والأسلحة. هذا بالإضافة إلى تقنيات وآليات البناء التي استخدمت لتشييد المواقع الصناعية. كما أن الاتحاد السوفيتي قدم الكثير للدول الأفريقية في مجال إعداد كوادرها الوطنية. وقد اجتهد المعسكران الاشتراكي والرأسمالي، كل منهما في دعم حلفائه في القارة ماديا ومعنويا.
تابعت صحيفة "أرغومنتي إي فاكتي" الحقائق المتعلقة بالحرب العالمية الثانية، التي تتحدث عن مقتل عدد كبير من الأسرى الألمان الذين وقعوا في قبضة الحلفاء المناهضين لهتلر. وتشير الصحيفة إلى أن المؤرخين دأبوا على اتهام الاتحاد السوفيتي بمعاملة الأسرى الألمان بقسوة بالغة. لكن الكاتب والمؤرخ الكندي جيمس باك يؤكد في كتابه الذي أصدره مؤخرا تحت عنوان "الخسائر الأخرى" يؤكد أن مليون جندي ألماني ماتوا جوعا أثناء أسرهم في معتقلات الحلفاء في الفترة ما بين أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول من عام 1945. ولقد أثارت تصريحات باك هذه سلسلة من النقد اللاذع، التي تتهمه بالإهمال والتزوير. وعلى الرغم من ذلك، فإن أشد المنـتقدين يعترفون بأن معسكرات اعتقال الأسرى الألمان في ألمانيا الغربية تحديدا، أي التي كانت تحت سيطرة الحلفاء الغربيين، كانت تزود بالغذاء بشكل سيء جدا، ولم يحصل الأسرى الألمان على الغذاء والماء لفترات تصل إلى 4 أيام متتالية، هذا على الرغم من أن مخازن الجيش الأمريكي في ألمانيا كانت متخمة بمختلف المواد الغذائية. وتذكر الصحيفة أن تلك الحقيقة تبرر ما يذهب إليه المؤرخ الكندي من أن الحلفاء كانوا يتعمدون ترك الأسرى الألمان يموتون جوعا. وتلفت الصحيفة إلى أن المؤرخ ريتشارد دومينيك ويغرز كتب في أحد مؤلفاته أن الكثير من الأسرى والمدنيين من سكان ألمانيا الغربية، ماتوا جوعا في الفترة ما بين مايو/أيار وديسمبر/كانون أول من عام ألف وتسعمائة وخمسة وأربعين، مؤكدا أن مثل هذه الأمور لم تحدث في المناطق التي احتلها الاتحاد السوفييتي. أما المؤرخ الأمريكي ألبرت كودلي فيقول في معرض نقده لـ جيمس باك إن 56 ألفا و285 أسيرا ألمانيا ماتوا من الجوع في تلك الفترة. وهذه الأرقام تفوق الأرقام المعلن عنها رسميا بخمس مرات ونصف. وتستشهد الصحيفة بشهادة جندي ألماني سابق يدعى ميخائيل بريبكيه، الذي يقول في مذكراته إن جميع الأسرى الألمان في معتقل كوبلينتسا كانوا ينامون في الطين تحت المطر في الأجواء العاصفة. وكان الغذاء يقدم إليهم نادرا، إذ لم يكن يحصل الواحد منهم على أكثر من حبة بطاطس واحدة في اليوم. ويضيف بريبكيه أنه فيما بعد التقى جده، الذي كان يعيش في برلين تحت الاحتلال السوفيتي. ولقد أكد هذا الجد أن الجنود السوفيت كانوا يقدمون الطعام لمن حولهم من المطبخ الميداني المخصص للجنود السوفيت. وتخلص الصحيفة إلى أن الروس لم يجوعوا النازيين حتى الموت، فقد كانت وجبة الطعام التي يقدمونها للأسرى تحتوي على أكثر من 2500 كيلوكالوري، أي ما يعادل ضعف كمية السعرات الحرارية التي كان يحتويها الطعام الذي كان يقدم للأسرى في المعتقلات الأمريكية. وإذا صدقت براهين باك فإن الأمريكيين في نصف عام دفنوا في معتقلاتهم ما يساوي عدد الألمان الذين توفوا في الأسر لدى السوفييت في 8 أعوام. ويختم الكاتب مقالته بالقول إن الدعاية أمر عظيم. فالدعاية هي التي كانت ولا تزال تجبر الروس على اتخاذ موقع المدافع عن النصر العظيم الذي حققوه في الحرب العالمية الثانية. ومما لاشك فيه هو أنه في هذه الحرب، حدثت تصرفات تفوق من حيث قسوتها كل ما ارتكب في الحروب السابقة. لكن ما يحز في النفس هو أن الحقائق التي تتكشف يوما بعد يوم، تؤكد أن أولئك الذين لا يكفون عن التشدق بالأخلاق، كانوا يتصرفون مع الأسرى الألمانيا بشكل مناف تماما لكل عرف وأخلاق.