شاهد على الحرب...هارون زوسمان
مع اقتراب حلول الذكرى الـ 65 لانتهاء الحرب الوطنية العظمى يسرنا في "روسيا اليوم" ان نضع بين ايدي القراء الكرام سلسلة مشوقة مستقاة من مجموعة ذكريات لمن بقي على قيد الحياة من المشاركين في تلك الحرب(1941 - 1945) ضد الفاشية و النازية:
مع اقتراب حلول الذكرى الـ 65 لانتهاء الحرب الوطنية العظمى يسرنا في "روسيا اليوم" ان نضع بين ايدي القراء الكرام سلسلة مشوقة مستقاة من مجموعة ذكريات لمن بقي على قيد الحياة من المشاركين في تلك الحرب(1941 - 1945) ضد الفاشية و النازية:
عندما انسحب الألمان أخذت شاحناتهم ومصفحاتهم تستدير في باحة معتقلنا ، فيما كنا نحن قابعين في السرداب. وهناك انبوب مدخنة نسمع من خلاله ما يجري فوق. عندما تستدير الشاحنة او المدرعة كان يخيل الينا انهم جاءوا ليقتادونا الى الموت. وكنا نعد تلك السيارات واحدة واحدة، ومع كلٍ منها تتقطع نياط قلوبنا. الحرس الألمان يقفون في كل الزوايا والأركان. وعندما خرجت شاحنة اخرى صاح ألماني بأعلى صوته: "الروس قادمون. أسرعوا، عجلوا". وتراكض الحراس. استدارت الشاحنة وهم يركضون وراءها ويصيحون مطالبين بأن تخفف سيرها وتنتظرهم. لكن الشاحنة مكتظة عن آخرها. فأخذ الحراس يقفزون اليها وهي مسرعة . نعم ، هكذا كان.
ثم أخذت طائراتنا السوفيتية تقصف معسكرنا. لكننا نحن الشباب كنا نتقافز في الباحة ونرقص ونصفق ونهتف فرحا. القذائف تتساقط ونحن نرقص فرحا. فهي قذائفنا، نعم ، قذائفنا. وبعد ذلك انطبع في ذاكرتي ظهور اول جندي سوفيتي ومعه كلب ضخم. ولعل الكلب أضخم منه. اعطاني الجندي قطعة رغيف مجفف، والنجمة الحمراء تزهو على قبعته . فما اعظم سعادتي. أحتضنته وعانقته. وكان كلبه اول كلب لم يتعرض لي بسوء. نعم اول كلب بين كل الكلاب. فقبلّت الكلب، الكلب السوفيتي، مرات ومرات.
ثم توجهت القوات نحو الغرب. أنا الآن اشاهد الأفلام وارى كيف كان جنودنا يطعمون الأطفال الألمان في برلين من المطابخ الميدانية. انه امر جيد طبعا.ولكن لم لم يطعمونا نحن بنفس الطريقة؟ ألم يكن أحد بحاجة إلينا بعد التحرير؟
وبعد ذلك أخذ الذين بقوا على قيد الحياة يتفرقون. كان عددنا الإجمالي سبعمائة وثمانين شخصا. الا ان عدد الذين ذاقوا مرارة العذاب في معسكرنا طوال تلك السنين بلغ خمسين ألفا. انه معسكر الموت. وأمره ليس خافيا على أحد.