شاهد على الحرب...روبيرت ميندوسا
مع اقتراب حلول الذكرى الـ 65 لانتهاء الحرب الوطنية العظمى يسرنا في "روسيا اليوم" ان نضع بين ايدي القراء الكرام سلسلة مشوقة مستقاة من مجموعة ذكريات لمن بقي على قيد الحياة من المشاركين في تلك الحرب(1941 - 1945) ضد الفاشية و النازية:
مع اقتراب حلول الذكرى الـ 65 لانتهاء الحرب الوطنية العظمى يسرنا في "روسيا اليوم" ان نضع بين ايدي القراء الكرام سلسلة مشوقة مستقاة من مجموعة ذكريات لمن بقي على قيد الحياة من المشاركين في تلك الحرب(1941 - 1945) ضد الفاشية و النازية:
شعرت عدة مرات بالخوف إبان خدمتي العسكرية. كل بحار عاش لحظات كهذه. وقد حدث هذا معي في إحدى المرات على النحو الآتي. كنت أحل رموز إبلاغ ورد من الأميرالية البريطانية عن أحدث صنف سري من الأسلحة الألمانية. كان ذلك طوربيدا من طراز غنات، لعلكم سمعتم به. طوربيد غنات الذاتي التوجه. كان يسير على صوت دواسر السفينة أينما اتجهت. وقد حذرونا من هذا. وأخبرونا بأن أفضل وسيلة لتجنب مقابلته السير إما بسرعة تقل عن 8 عقد وإما بسرعة تزيد على 18 عقدة. إذا حافظتم على هذه السرعة ما لا يقل عن 12 دقية، تستطيعون النجاة. لم تمض 48 ساعة على حل رموز هذا الإبلاغ حتى اكتشفت الصوتيات تحت المائية صوت طوربيد يقتفي أثرنا. ساق القبطان السفينة على خط متعرج وخفض السرعة إلى 8 عقد، حسبما أوصونا. ولكن بقي الطوربيد رغم كل المحاولات. حينذاك خفت بالفعل.
اختار ضابط المدفعية بضعة بحارة لكي يجدوا اللحظة المناسبة ويحاولوا تدمير الطوربيد. وهنا اتضح أنه لا يوجد أي طوربيد، وكل ما في الأمر أن طرف أحد الحبال الفولاذية الثخينة سقط من على سفينتنا في الماء وصار يخفق في الأمواج، محدثا ذلك الصوت الذي يتبعنا. حينذاك خفت بالفعل. ولكن ذلك كان إنذارا كاذبا. حينما تذكر هذه الحادثة، تبدو مضحكة. ولكن لم يكن ثمة ما يدعو إلى الضحك في تلك اللحظة، صدقوني.
اعتقدت أنه لم يبق لي أن أعيش سوى دقيقة أو دقيقتين أو ثلاث. مرة أخرى كانت بيني وبين الموت دقائق، حين مرت سفينتنا فوق حقل ألغام أقامه الألمان. كان يمتد عدة أميال، ووجدنا أنفسنا في وسطه. ولكن القبطان كان سريع البديهة. أمر الجميع بالخروج إلى سطح السفينة والنظر إلى الماء بحثا عن الألغام. وقاد السفينة بين الألغام ببطء. اقتضى الأمر ساعتين للخروج من حقل الألغام. وقد فكرت في تلك اللحظات: "لم يبق لي أن أعيش سوى دقيقتين". وانتابني خوف حقيقي.