شاهد على الحرب... انيسيا زينكوفا
مع اقتراب حلول الذكرى الـ 65 لانتهاء الحرب الوطنية العظمى يسرنا في "روسيا اليوم" ان نضع بين ايدي القراء الكرام سلسلة مشوقة مستقاة من مجموعة ذكريات لمن بقي على قيد الحياة من المشاركين في تلك الحرب(1941 - 1945) ضد الفاشية و النازية:
مع اقتراب حلول الذكرى الـ 65 لانتهاء الحرب الوطنية العظمى يسرنا في "روسيا اليوم" ان نضع بين ايدي القراء الكرام سلسلة مشوقة مستقاة من مجموعة ذكريات لمن بقي على قيد الحياة من المشاركين في تلك الحرب(1941 - 1945) ضد الفاشية و النازية:
كنت اعمل في المستشفى العسكري عندنا في قازان حينما بدأت الحرب. ثم جرى إيفادنا الى الجبهة ، وتم تنسيبي الى فرقة المشاة الستين بعد المائة برتبة ممرضة أقدم.
ذات مرة كنا في خيمة العمليات الجراحية . وكان الجو هادئا، بدون اطلاق رصاص. وفجأة دخل علينا الخيمة رجل بمعطف مطري متسخ. هرعنا اليه لنمنعه من الدخول بالثياب القذرة. ونهرناه صائحين. لكنه هوى على الأرضية. رفعناه. واتضح لنا ان رصاصة متشظية مزقت أحشاءه. فجمعها بيديه الوسختين ، وجاءنا الى الكتيبة الصحية حاملا أحشاءه بيديه هكذا. ومن حسن الحظ انه لم يكن بعيدا عن موقعنا عندما اصابته الرصاصة. أجرينا له بالطبع عملية جراحية استغرقت وقتا طويلا. كان يجب غسل الأمعاء ووضعها في مواضعها ثم خياطة الجرح. وتلك عدة عمليات في الواقع. إلا انه ظل على قيد الحياة. قاوم وصمد لهذه العملية المعقدة وظل على قيد الحياة.
اما الحادث الآخر فقد حصل لجندي هشمت الرصاصة إبهام قدمه لا غير. أجرينا له عملية جراحية بتخدير موضعي. إلا انه أسلم الروح أمامنا على طاولة العمليات. كان يخشى رؤية الدم لدرجة جعلت قلبه لا يتحمل العملية. فلم نتمكن من انقاذ حياته. انا شخصيا رأيت ما رأيت اثناء الحرب. قواتنا حررت معسكر الإعتقال في مايدانِك. ما حصل هناك كابوس في كابوس. يا للفظاعة! نصبنا مخيم المستشفى رأسا. وعالجنا كل الذين يشبهون المعتقلين. فحصناهم وأسعفناهم. كان الكثيرون منهم مصابين بالتدرن الرئوي او السل. عندما يمرض الشخص بالسل لا يتقلص بؤبؤ عينيه. ربما تعلمون ذلك. ويغدو وجهه جميلا جدا. العينان تتألقان والمحيا كأنما في هالة من نور. كان المصابون يتوقعون موتهم الوشيك. وكانوا على حق. يقول الواحد منهم :"غدا أموت". ويموت غدا بالفعل. رأيت بنفسي كيف كان المرضى يموتون بالسل حتى بعد نجاح العملية الجراحية. ستة او سبعة اشخاص يموتون كل ليلة، فما افظع تلك الكوابيس!