شاهد على الحرب... البرت باجيه
مع اقتراب حلول الذكرى الـ 65 للحرب الوطنية العظمى يسرنا في "روسيا اليوم" ان نضع بين ايدي القراء سلسلة مشوقة مستقاة من مجموعة ذكريات لمن بقي على قيد الحياة من المشاركين في تلك الحرب ضد الفاشية و النازية.
مع اقتراب حلول الذكرى الـ 65 للحرب الوطنية العظمى يسرنا في "روسيا اليوم" ان نضع بين ايدي القراء سلسلة مشوقة مستقاة من مجموعة ذكريات لمن بقي على قيد الحياة من المشاركين في تلك الحرب ضد الفاشية و النازية.
كل افراد الفرقة التي ينتمي اليها فوجنا من المتطوعين في اعمار مختلفة تتراوح بين السابعة عشرة والخمسين. وكان بعضهم من المقاتلين القدامى في الحرب العالمية الأولى. كنا جميعا ننتظر الدعوة الى الجبهة لنشارك في مقاتلة الالمان الذين استعبدوا شعبنا اللاتفي في سالف الزمان، قبل سبعمائة عام، ولم يكونوا يعتبروننا من البشر. كانت مقاتلتهم في طبيعة الأشياء بالنسبة لنا. فنحن ماضون للنضال من اجل تحرير البلاد وتحرير لاتفيا من المحتلين الألمان. تلك كانت مهمتنا.
دخلنا احدى القرى. فوجدنا ان الحرائق التهمت كل ما فيها. لم يبق سوى اساسات المباني ومداخن الأفران المتفحمة. جبنا شوارع القرية، لا احد هناك. وفجأة رأينا امرأة ترتدي منديلا وجزمة لبادية ومعطفأ قصيرا. أخذت ترسم علامة الصليب علينا وتبتهل من أجلنا. مررنا جنبها، فكانت توزع علينا من كيس في يدها بطاطس مسلوقة وغير مقشرة. وقد أثر ذلك فينا اعمق التأثير. وفكرت في نفسي: أكيد عندها اطفال ولابد ان تطعمهم. فمن اين جاءت بالبطاطس والنيران في القرية أحرقت الأخضر والياابس ؟. ولم تبخل بها ، فأعطت كل واحد منا حبة... جاءت البطاطس في الوقت المناسب. فنحن لم نأكل شيئا من ثلاثة أيام. والحقيقة ، المسألة لا تنحصر في ذلك. ما كان وراء انتصارنا نحن على الالمان وليس انتصارهم علينا هو هذا الموقف الإنساني من جانب هذه المرأة، انه نفسية الشعب وأريحيته، وطيبته، وحبه للوطن. طبيعي ان التضحيات كانت جسيمة، لكننا انتصرنا على اية حال.