النزاع في ترانسنيستريا على خلفية حرب القوقاز
اتفق الرئيس الروسي دميتري مدفيديف مع زعيم ترانسنيستريا ايغور سميرنوف على مواصلة المباحثات في موضوع التسوية الملدوفية الترانسنيسترية بمشاركة روسيا ومولدوفا وترانسنيستريا، وتحتل محط الاهتمام في هذا اللقاء مسألة تسوية النزاع بين ملدوفا وترانسنيستريا والحيلولة دون استخدام القوة في حل القضية على غرار العدوان الجورجي ضد اوسيتيا الجنوبية.
اتفق الرئيس الروسي دميتري مدفيديف مع زعيم ترانسنيستريا ايغور سميرنوف على مواصلة المباحثات في موضوع التسوية المولدوفية الترانسنيسترية بمشاركة روسيا ومولدوفا وترانسنيستريا. وتحتل محط الاهتمام في هذا اللقاء مسألة تسوية النزاع بين مولدوفا وترانسنيستريا (بريدنيستروفيه) والحيلولة دون استخدام القوة في حل القضية على غرار العدوان الجورجي ضد اوسيتيا الجنوبية.
وكان ايغور سميرنوف رئيس جمهورية ترانسنيستريا المولدوفية قد أعلن عن رفع الحظر على اجراء المفاوضات مع كيشينيوف. وأوضح سميرنوف في حديث مع "روسيا اليوم" قائلا انه قام بذلك فور اجتماعه مع الرئيس الروسي دميتري مدفيديف في يوم الاربعاء 3 سبتمبر /ايلول. وقال سميرنوف :" لقد أعلنا الموراتوريوم حين شنت جورجيا العدوان على اوسيتيا. ولم يبدر رد فعل من حكومة مولدوفا ورئيسها على هذه الخطوة ، ولهذا قررت قيادة ترانسنيستريا بأنه مادامت قيادة مولدوفا لم تصدر ادانة للعدوان فلا يوجد لدينا ما نتحدث به معها".
وكان قد تم الاتفاق اثناء اللقاء مع مدفيديف على اجراء لقاء ثلاثي بردنيستروفي - مولدافي - روسي وعلى بدء المفاوضات الاولية.وقال سميرنوف " اننا سنقوم مع هذا بمحاولة أخرى لبدء عملية المفاوضات مع كيشينيوف. لأن السلام الهش افضل من الحرب الساخنة. وسنحاول مرة اخرى. ونحن نأمل في ان قيادة مولدوفا تدرك ايضا مسئوليتها عن عملية المفاوضات وتحقيق نتائج ايجابية".
حول تسوية الازمة
وقد وبالاضافة الى ذلك من المقرر ان يعقد في فيينا خلال الايام العشرة الاولى من هذا الشهر لقاء بين الوسطاء الدوليين المراقبين على عملية التسوية في ترانسنيستريا يضم ممثلين عن كل من روسيا واوكرانيا ومنظمة الامن والتعاون في اوروبا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة. اما المحادثات التي شارك فيها الممثلون عن كل من مولدوفا وترانسنيستريا وروسيا واوكرانيا ومنظمة الامن والتعاون في اوروبا وكذلك الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بصفة مراقبين فيها فاوقفت في سبتمبر / ايلول عام 2006 .
ويرى ايغور سميرنوف ان من الضروري عقد اتفاقية جديدة تشمل ضمانات السلام والامن والاستقرار في المنطقة أخذا بالحسبان التجربة المأساوية التي عانتها اوسيتيا الجنوبية. وهو يعتقد ان روسيا بوسعها زيادة قواتها لحفظ السلام في ترانسنيستريا حتى تعداد 3 آلاف فرد ، بدون ان تخالف بذلك الالتزامات الدولية التي تقضي بها الاتفاقية المؤرخة في 21 يوليو / تموز عام 1992 .
ومن جانبه اعرب الرئيس المولدوفي فورونين خلال زيارته الى موسكو في الاسبوع الماضى عن ثقته بان تسوية قضية ترانسنيستريا لا يمكن التوصل اليها الا على اساس الحل السلمي الذي يستثني استخدام القوة العسكرية. واعلن فورونين معلقا على عدوان جورجيا ضد اوسيتيا الجنوبية انه " لا يمكن ان نترك الاحداث التي وقعت هناك دون اهتمام منا". وأضاف قائلا : " لا نزال على مدى 17 سنة معلقين . غير ان صبرنا خلال هذه المدة كان كافيا لمنع تفاقم الاوضاع.
نبذة تاريخية
هذا و ترانسنيستريا (جمهورية بريدنيستروفيه المولدافية) هي الكيان غيرالمعترف به الذي يعد بموجب الدستورالمولدافي جزءا من جمهورية ملدوفا. بينما ترانسنيستريا في الواقع على مدى 18 سنة دولة مستقلة لها رئيس هو ايغور سميرنوف وحكومة وبرلمان. وأطلقت على ترانسنيستريا (بريدنيستروفيه) هذه التسمية نسبة الى نهر دنيستر وهي ترجمة حرفية لعبارة "واقعة على طول دنيستر".
وكانت تقطن ترانسنيستريا في القرون الوسطى القبائل السلافية والقبائل التركية الرحالة. وعلى مدى التاريخ كانت ترانسنيستريا منضمة الى دول مختلفة ، وبينها روسيا كييف وامارة لتوانيا والاورطة الذهبية التي كانت تضم اراضيها الجنوبية. ثم غدت ترانسنيستريا جزءا من خانية القرم ، وبعد ذلك جزءا من اورطة كوشان. وفي عام 1792 انضمت ترانسنيستريا الى الامبراطورية الروسية وفقا لمعاهدة الصلح مع الامبراطورية العثمانية.
ومنذ اواخر القرن الثامن عشر اسكنت الامبراطورية الروسية فيها اهالي من رعاياها بغية حماية حدودها الجنوبية الغربية. وكانت السلطات الروسية تشجع الهجرة الى ترانسنيستريا للبلغار والروس والالمان والارمن والاغريق والملدافيين. وعلى امتداد القرن التاسع عشر ظل الجزء الاكبر من ترانسنيستريا داخلا في الامبراطورية الروسية ، ومن ثم في جمهورية اوكرانيا السوفياتية والاتحاد السوفياتي. وفي عام 1940 استرجع الاتحاد السوفييتي الاراضي التي احتلتها رومانيا وأنشئت جمهورية ملدافيا السوفياتية الاشتراكية على اساس اراضي ترانسنيستريا. ومع بداية الحرب العالمية الثانية عادت رومانيا واحتلت اراضي ملدافيا السوفياتية واعطتها تسمية جديدة هي "ترانسنيستريا" اي " ما وراء نهر دنيستر". وفي عام 1944 وضعت القوات السوفييتية حدا للاحتلال. وغدت بريدنيستروفيه جزءا من جمهورية ملدافيا السوفياتية الاشتراكية.
وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991 اعلنت بضع مناطق ملدوفية مفزوعة بتصريحات صادرة من بعض المتطرفين في كيشنيوف حول احتمال انضمام جمهورية ملدافيا الى رومانيا ، اعلنت قيام جمهورية ترانسنيستريا المولدافية. ولم توافق سلطات ملدافيا على هذا القرار وحاولت ادخال قواتها الى الجمهورية غير المعترف بها مما تسبب في اشتعال النزاع المسلح الذي استمر عدة اشهر.
وفي الوقت الراهن تتولى قوات حفظ السلام الموحدة التي تضم القوات الروسية والمولدوفية والترانسنيسترية دعم السلام في المنطقة.
وفي عام 2003 أعد دميترى كوزاك الذي كان يشغل آنذاك منصب نائب مدير المكتب الرئاسي الخطة الخاصة بحل النزاع في ترانسنيستريا التي تقضي بدمج مولدافيا وبريدنيستروفيه في جمهورية غير متناظرة الطرفين. الا ان الجانب الملدوفي رفض هذه الخطة في آخر لحظة.
ولاتزال ترانسنيستريا التي قد احتفلت بذكرى مرور 18 سنة على قيام الجمهورية تسعى الى نيل استقلالها عن ملدوفا انطلاقا من نتائج استفتاء اجري عام 2006 حين ايدت نسبة 97 % من السكان المشاركين فيه اعلان الاستقلال. ولا توافق على ذلك مولدوفا مقترحة اعطاء ترانسنيستريا حكما ذاتيا واسع النطاق.
وقد جرى اول لقاء خلال 7 سنوات بين زعيمي مولدوفا و ترانسنيستريا في 11 ابريل / نيسان 2008 بمدينة بنديري.