مؤشرات جديدة على توجه العالم الى نظام مختلف تماما
انسخ الرابطhttps://arabic.rt.com/news/18485/
يشير البعض الى أن المواجهة الحالية بين موسكو وواشنطن حول العدوان الجورجي على أوسيتيا الجنوبية تهدد بتغيير النظام العالمي الحالي، في حين يرى آخرون أن هذه المواجهة تؤكد فشل أسلوب تعامل واشنطن مع القضايا الدولية.
يشير البعض الى أن المواجهة الحالية بين موسكو وواشنطن حول العدوان الجورجي على أوسيتيا الجنوبية تهدد بتغيير النظام العالمي الحالي، في حين يرى آخرون أن هذه المواجهة تؤكد فشل أسلوب تعامل واشنطن مع القضايا الدولية.بإنهيار الإتحاد السوفياتي عام 1991، تحول العالم الى ساحة تحكمها قوة عظمى وحيدة هي الولايات المتحدة. والإعلان عن هذه الحالة جاء على لسان الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الأب الذي أراد اعلام المجتمع الدولي بإنتهاء الحرب الباردة.
وكانت أول البراهين على التوجه لإنشاء نظام عالمي جديد بعد حرب الخليج الثانية التي هدفت الى تحرير الكويت وطرد القوات العراقية منها. وكان النظام العالمي الجديد الذي تحدث عنه بوش الأب الأسلوب الأكثر دبلوماسية في ايصال رسالة الى الجميع فحواها أن واشنطن أصبحت القائد الأوحد والقوة العظمى المنفردة التي يتوجب التوجه إليها وطلب إذنها في أية مسألة وفي كل قضية دولية.
العقد الأخير من القرن الماضي شهد توسعاً كبيراً في العالم بإتجاه الرؤية الأمريكية لتثبيت النظام العالمي المزعوم.
وقد تواصل امتداد الهيمنة الأمريكية بأسلوب أرادت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تذكير بقية العالم في كل مرحلة بوجوده، فمن الحرب ضد يوغسلافيا السابقة في نهاية التسعينيات الى العمل على نقل عدد متزايد من الدول الناشئة، بعد تفكك الإتحاد السوفياتي الى منظومتي الناتو والإتحاد الأوروبي الى السيطرة على قرارات معظم المؤسسات والمنظمات الدولية.
إلا أن بداية ظهور الوهن في نظام أمريكا العالمي كان دون شك اثناء حرب العراق عام 2003. فللمرة الأولى منذ سنوات، عاد عدد من الدول لرفض الرؤية الأمريكية.
ورغم الجهود الحثيثة التي بذلتها واشنطن للحصول على دعم روسيا وفرنسا في مجلس الأمن لغزو العراق، فقد كان موقفهما ثابتاً: طلب واشنطن يتعارض مع الشرعية الدولية. لهذا اضطرت الولايات المتحدة الى شن الحرب دون تفويض أممي.
وربما كانت تلك بداية النهاية لنظام بوش الأب، إلا أنه يبدو أن الرسالة لم تصل البيت الأبيض في وقتها؛ لهذا فقد واصلت جهودها الرامية الى ضم دول أخرى، على حدود روسيا، مثل جورجيا وأوكرانيا، الى حلف الناتو. إضافة الى رغبتها في انشاء نظام الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، مما يشكل تهديدا مباشرا لمصالح روسيا التي أكدت رفضها لمثل تلك التحركات مهددة باتخاذ اجراءات مناسبة لمواجهتها.
وكما كانت حرب الخليج الثانية مؤشرا على نهاية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي، جاء المؤشر الجديد على توجه العالم الى نظام مختلف تماماً. التشجيع الأمريكي للحكومة الجورجية على التدخل لتدمير جمهورية أوسيتيا الجنوبية التي تتواجد فيها قوات حفظ سلام روسية كان الدافع الى روسيا كي تتدخل لطرد الجورجيين وتوجيه رسالة ربما لم يفهمها الأمريكيون عام 2003؛ الرسالة تقول: انتهى زمن الهيمنة الأمريكية. ثم جاء التهديد الذي وجهته روسيا الى بولندا بعد قبولها نصب عناصر الدرع الصاروخية على أراضيها.
يتساءل البعض عما اذا كانت هذه حرباً باردة جديدة. والإجابة تكمن فيما ستتوجه إليه الأمور في الشهور المقبلة.