أقوال الصحف الروسية ليوم 16 أغسطس/ آب
نشرت مجلة "إكسبيرت" مقالة مطولة ، تتناول من خلالها واقع النزاع بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية. جاء في المقالة أن الرئيس الجورجي حضَّر لمغامرته في أوسيتيا الجنوبية بشكل دقيق جدا من الناحية التكتيكية ، فقد ظلت حدود هذه الجمهورية غير المعترف بها ، تتعرض لإطلاق نار متقطع على مدى عدة أشهر، وشهدت مدنها وقراها عدة انفجارات. وكأن سآكاشفيلي أراد أن يقنع الجميع بأنه اختار أسلوب حرب الاستنزاف في صراعه مع الأوسيتيين ، وأنه لن يقوم بعمليات عسكرية واسعة النطاق. ويبرز الكاتب في هذا السياق أن سآكاشفيلي كان قد أعلن مساء 7 أغسطس / آب أنه أمر قواته بوقف إطلاق النار على المناطق السكنية في أوسيتيا الجنوبية. وبعد ذلك بسويعات قليلة أعطى إشارة البدء لاجتياح هذا الإقليم الصغير. فقامت قواته بقصف تسخينفالي بقذائف المدفعية الثقيلة وصواريخِ راجمات "غراد". ويلفت الكاتب إلى أن الكثيرين لم يفهموا حقيقة ما يجري، إلا بعد أن أعلن أحدُ القادة العسكريين الجورجيين ، أن قوات بلاده بدأت بتنفيذ ما أسماه عمليةَ إحلال النظام الدستوري في أوسيتيا الجنوبية. ويتابع الكاتب سرده مشيرا إلى أن أحداث النصف الأول من أول ايام الحرب، أعطت انطباعا بأن كل شيء يسير حسب السيناريو الجورجي. لكن تحرك الدبابات الروسية باتجاه أوسيتيا الجنوبية ، اعتبارا من منتصف ذلك اليوم ، لم يترك مجالا للشك في أن جورجيا سوف تدفع ثمنا غاليا لقاء مغامرة رئيسها. ويخلص الكاتب إلى أن تطورات الأوضاع تشير إلى أن خيارات الرئيس الجورجي محدودة جدا ، فهو إما أن يغير طريقته في معالجة قضايا أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا فيستمر في الحكم ، وإما أن يكون لجورجيا رئيسٌ آخر.
تناولت مجلة "إيتوغي" بتحليل النزاع في أوسيتيا الجنوبية ونتائجَه وسبل الخروج منه بأقل ما يمكن من الخسائر السياسية. ويشير كاتب المقالة إلى مسلمة مفادها أن الدخول في الحرب أمرٌ يسير، لكن الخروج منها يتطلب براعة في فنون السياسة . ذلك أن المفاوضات التي تعقب العمليات القتالية ، قد تكون أكثر إيلاما من الحرب نفسها. ويوضح الكاتب أن عملية التسوية المرتقبة لهذا النزاع ستضم ،بالإضافة إلى طرفيه، الولاياتِ المتحدةَ والإتحاد الأوروبي ناهيك عن الناتو. وهذا ما يضع مصالح روسيا الحيوية على المحك. ويرى الكاتب أن المخرج الوحيد لروسيا من هذا المأزق يتمثل في مواصلة التحرك إلى الأمام جامعةً بين مرونة الدبلوماسية وصلابة القوة. ويحذر من إمكانية أن تجد روسيا نفسها مضطرة للسير وفق السيناريو الذ ي سارت وِفقه إبان أزمة كوسوفو، عندما فقدت زمام المبادرة الاستراتيجية ،
وخسرت معها مواقعَها في البلقان. وبالعودة إلى بداية الحرب ، يؤكد الكاتب أنه ما من شك في أن سآكاشفيلي تعمد شن حرب مباغتة عندما كان الرئيس الروسي في إجازة ، وكان بوتين في بكين ، وكان البرلمان في عطلته السنوية. ولكن عندما فهم أن مخططاتِه انتهت إلى الفشل ، حاول بكل ما أوتي من براعة ، أن يزج بحلفائه الأمريكيين والأوروبيين في هذا النزاع. ولعل خير ما يثبت ذلك، إعلان سآكاشفيلي أن ما يجري في أوسيتيا الجنوبية يهدد القيم الأمريكية. ويبرز الكاتب في الختام أن موسكو كانت مرتاحة لبقاء النزاع الجورجي الأوسيتي في حالة جمود ، لأن ذلك يضمن نوعا من الاستقرار على حدودها الجنوبية.
وفي صحيفة "زافترا" أو الغد ، الناطقة بلسان القوميين الروس ، نقرأ مقالة كتبها رئيس تحرير هذه الصحيفة ، المحلل السياسي والأديب المعروف الكسندر بروخانوف. ويبدا السيد بروخانوف مقالته مشيدا بما حققه رجال القوات المسلحة الروسية من انجازات ، ويؤكد أن أعداء روسيا التاريخيين ، من إنكليز وأمريكيين وأتراك ، اندفعوا بأيدي الرئيس الجورجي ميخائيل سآكاشفيلي نحو القوقاز، فهبت روسيا ولأول مرة ، بعد عام 1991 ، للدفاع عن مصالحها القومية في هذه المنطقة ، التي تُعتبر تاريخيا جزءا من الإمبراطورية الروسية. ويضيف الكاتب أن المذبحة الرهيبة التي قام بها نظام تبيليسي في أوسيتيا الجنوبية تقدم صورة واضحة لما ستكون عليه أمورُ منطقةِ القوقاز، إذا ما انضمت جورجيا إلى حلف الناتو، وأظهرت هذه المذبحة طبيعة العدو اللدود الذي يتربص بروسيا. ويؤكد الكاتب أن هذه الحرب في حقيقتها ، حربٌ بين روسيا وأمريكا. فأمريكا هي التي نصبت عميلها سآكاشفيلي رئيسا على جورجيا ، وهي التي نظمت الجيش الجورجي وسلحته ، ودربته على تكتيك "الأرض المحروقة" الذي طبقته في فيتنام وأفغانستان والعراق ، وهي التي زجت بالجيش الجورجي في أتون الحرب وحاولت حماية ظهره. وهي التي استفزت روسيا لكي ترد بقسوة ، فتتخذ آلتُها الدعائية من ذلك ، ذريعةً للتشهير بموسكو. ويمضي بروخانوف كاشفا حلقات ما يسميه بالسيناريو الأمريكي ، فيقول إنه يهدف أولا إلى إثارة الفوضى في القوقاز، ومن ثم السير بخطى حثيثة إلى الحرب مع إيران. وهذا يعني السيطرةَ التامة على حقول النفط في الشرق الأوسط ، وبالتالي إخضاعَ الصين وجنوب شرق آسيا وأوروبا. ويعرب الكاتب عن شكه في أن يقبل قادة بلدان هذه المنطقة أو تلك بالسيناريو الأمريكي. ويخلص إلى أن صناع القرار في بلدان العالم الرئيسية ، يضعون في حسابهم منذ الآن ، احتمال تحولِ النزاع الجورجي - الأوسيتي إلى "حرب عالمية ثالثة".
وفي محاولة منها لتعريف قرائها بالأسباب الحقيقية لانفجار الأزمة القوقازية ، تنشر صحيفة "أرغومينتي نيديلي" مقالة كتبها المحلل السياسي الروسي الشهير سيرجي كاراغانوف. وجاء في المقالة أن إدارة بوش أقدمت على تفجير الأزمة بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية ، في محاولة منها لصرف الأنظار عن فشلها الذريع في حربها الإجرامية على العراق ، وعن الكارثة الإنسانية التي نجمت عن هذه الحرب، بالإضافة إلى إزاحة إخبار خسائر قواتها في أفغانستان عن الواجهة الإعلامية ، خلال فترة الانتخابات الرئاسية. وعن الأهداف البعيدة للحرب الأخيرة يؤكد السيد كاراغانوف أن قضيتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية لا تشكلان إلا جزءا صغيرا من لعبة سياسية كبيرة ، وأن الاستراتيجية الأمريكية في القوقاز عموما تهدف إلى تكبيل روسيا. وانطلاقا من هذه الاستراتيجية عمدت واشنطن إلى تسخين هذا النزاع في هذا الوقت، الذي تشهد فيه الساحة الدولية تعاظما في الدور الروسي ، وتقلصا لدورواشنطن وحلفائها. ويلفت سيرغي كاراغانوف إلى أن العالم يشهد خلال الأعوام الأخيرة ، تحولات سريعة وجذرية على الصعيدين السياسي والاقتصادي. ولعل من أبرز التحولات السياسية - تعاظمُ الدور الآسيوي على حساب الدور الأوروبي ، وتراجعُ الدور الأمريكي ، وظهور أقطاب جديدة مثل الصين وروسيا والهند. أما التحولات الاقتصادية فتجلت في الأزمة المالية العالمية ، التي برهنت على عجز الغرب عن التحكم بالمجال المالي العالمي. ويخلص المحلل السياسي محذرا من أن هذه التحولات سوف تدفع الولايات المتحدة لاختلاق الأزمة تلو الأزمة لروسيا ، ولهذا فإن على موسكو أن تتوقع المزيد من الأزمات على مدى العامين أو الثلاثة أعوام القادمة.
تتناول مجلة "روسكي نيوزويك" الانقلاب العسكري في موريتانيا ، محاوِلة تلمس الأسباب التي أدت إلى وقوعه. وتذكر في هذا السياق أن المحللين السياسيين يعتبرون أزمة الغذاء العالمية ، سببا أساسيا في حصول مثل هذه الأزمات السياسية. ويرون في خروج آلاف المواطنين الموريتانيين في مظاهرات مؤيدة للانقلابيين ، تأكيدا على صحة استنتاجاتهم. ويوضح المحللون أن الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية ، أنهك مواطني هذا البلد ، الذي يعتبر أحد أفقر الدول الأفريقية. فقد شهدت موريتانيا في الأشهر القليلة الماضية مظاهراتٍ حاشدة ، وإضرابات عن الطعام احتجاجا على الغلاء. وتشير الصحيفة إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة حذر من خطورة ارتفاع أسعار الأغذية على الاستقرار السياسي في البلدان النامية. وتنقل عن خبيرة في شؤون التغذية أن ثمانيةً من كل عشرة أطفال موريتانيين يعانون من أمراضٍ تعود أسبابُها لسوء التغذية وفقر الدم. ويلفت كاتب المقال الى أن النظام الديمقراطي في موريتانيا لم يكد يتجاوزعامه الثاني. ففي يونيو/ حزيران من عام ألفين وستة ، أقر البرلمان تعديلات دستورية ، تنص على تقليص فترة الولاية الرئاسية. وفي مارس/آذار من العام الماضي شهدت موريتانيا انتخابات رئاسية ديموقراطية ، هي الأولى منذ أكثر من عشرين عاما. وقد فاز في تلك الانتخابات الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله. ويبرز الكاتب في ختام مقالته أن مجلس الحكم العسكري بقيادة الجنرال محمد ولد عبد العزيز أكد أنه سوف ينظم انتخابات حرة ، حالما تتوفر الظروف الملائمة.