مدفيديف: محاولات استبدال الامم المتحدة لها عواقب خطيرة
أعلن الرئيس الروسي دميتري مدفيديف خلال كلمة ألقاها أمام ممثلي الرأي العام الالماني أن محاولات استبدال الامم المتحدة بغيرها من المنظمات سيكون لها عواقب وخيمة.
أعلن الرئيس الروسي دميتري مدفيديف خلال كلمة ألقاها أمام ممثلي الرأي العام الالماني أن محاولات استبدال الامم المتحدة بغيرها من المنظمات سيكون لها عواقب وخيمة.
وقال مدفيديف "النظام ثنائي الاقطاب المصطنع (كما كان الحال أيام الحرب الباردة) يحل مكانه النظام متعدد الاقطاب الطبيعي المستند الى الامم المتحدة وأضاف " ليس لدينا اي نظام آخر ولن يكون في الوقت القريب، وأية محاولات بالاستعاضة عنه بمنظمات أخرى سيكون له عواقب خطيرة".
الجدير بالذكر أن المرشح الجمهوري لمنصب رئاسة البيت الابيض جون ماكين اقترح مؤخرًا تأسيس "رابطة الديموقراطيات" وأسقط روسيا منها، وهي رابطة تترأسها الولايات المتحدة حيث تصبح على حد قوله آلية بديلة لحل القضايا الدولية.
وعلق مدفيديف على ذلك بالقول أن الامم المتحدة يجب ان تحدث بحيث تعكس وقائع العالم المعاصرمتعدد الاقطاب .
وافاد مدفيديف موضحا بهذا الخصوص "لقد اصاب مؤسسو هيئة الامم المتحدة في الكثير من الامور، في في اساسها منظمة ذات صلاحيات كبيرة قائمة على مبادئ العدالة. واريد ان اشير انه ليس لدينا مرجعية اخرى ، وعلى الاغلب لن تتواجد في المستقبل القريب". واكد الرئيس الروسي ان جميع المحاولات لاستبدال الهيئة الدولية،وهو ما يطرح احيانا، "ستؤدي بالعالم الى نتائج مدمرة".
ودعا مدفيديف الى تحديث مجلس الامن الدولي مع الاخذ بنظر الاعتبار اراء وموافقة الدول الاعضاء في هيئة الامم المتحدة.
وقال مدفيديف " تنطلق من هنا ضرورة اصلاح مجلس الامن على اساس الوفاق بين الدول الاعضاء للامم المتحدة واننا نقدّر سعي المانيا الى البحث عن الحلول الوسط التي لا تؤدي الى انشقاق في الامم المتحدة" ،وأضاف ان النظام العالمي المستقبلي مرتبط مباشرة بمصير اوروبا والمنطقة الاورواطلسية.
وذكر مدفيديف ان روسيا ستصر على إعلاء الحق ومراعاة الشرعية الدولية من قبل جميع الدول بما فيها الكبرى.
وفي نفس السياق قال مدفيديف " يتساءل الكثير اليوم عن السياسة التي ستتبعها روسيا - اقول انني ساصر على إعلاء الحق ومراعاة النظام الدولي من قبل جميع الدول بما فيها الدول الكبرى". كما اشار الرئيس إن ذلك يعتبر شرطا اساسيا للاحتفاظ بالتطور الدولي.
علاقات روسيا مع الناتو وأوروبا
استثنى الرئيس الروسي دميتري مدفيديف امكانية حدوث مقايضة بغية تغيير الموقف الروسي الرافض لتوسع الناتو اللاحق.
وقال مدفيديف " يتم الحديث عن امكانية مقايضة توسع الناتو نحو الشرق ب"شيء آخر" انا اقول إن ذلك مستحيل. إني مقتنع بان علاقاتنا مع حلف الناتو في هذه الحالة ستتأثر سلبا ولفترة طويلة. من الواضح أن المجابهة سوف لن تعود، غير أن ثمن المسالة سيكون باهظا مما قد يلحق ضررا جادا بعلاقاتنا.
كما اشار الرئيس الى افغانستان كمثال وبوصفه تجربة ناجحة لتطابق مصالح الامن بين روسيا و الناتو.
" اننا نساعد شركائنا العاملين في افغانستان واتفقنا في قمة "روسيا- ناتو" في بوخارست على ترانزيت المواد غير العسكرية عبر اراضينا كما نستخدم طائرات النقل العسكرية ونقوم بإعداد الكوادر للمؤسسات الافغانية الخاصة بمكافحة الارهاب و المخدرات".
وفي معرض حيثه عن العلاقات مع اوروبا اشار بوتين الى ان "النظام العالمي المستقبلي متصل بشكل مباشر بمصير اوروبا، ومصير المنطقة الاوراطلسية. وبالتالي بمصير الحضارة الاوربية كاملة". واضاف بوتين "انا على ثقة بانه لن تحل المشاكل الاوربية ان لم تتوافق عضويا بكل اجزائها، بما فيها روسيا الفيدرالية".
ولم يفت الرئيس مدفيديف التذكير بتضحيات الشعوب السوفيتية خلال الحرب الوطنية العظمى والانتصار على الفاشية قائلا بهذا الصدد "يجب ألا نسمح بحرماننا من الإرث الأخلاقي المشترك المتجسد في انتصارنا على الفاشية. ويجب ألا ننسى أن الحضارة الأوروبية الحالية هي نتيجة تضحية الملايين من الشعوب السوفيتية والشعوب الأوروبية الأخرى". منوها ذي ذات الوقت الى الاثار التي خلفتها تلك الحقبة على الواقع المعاصر لاوروبا حيث قال "تعالوا للنظر بوضوح الى أوروبا اليوم؟ لا يمكن الهرب من الاستنتاج أن بنيتها تحمل بصمات الأيديولوجية الموروثة من الماضي. من الطبيعي الاعتقاد أن تجسيد الوحدة الأوروبية الجديدة يجب أن يكون من خلال منظمة الأمن والتعاون الأوروبي. ولكن لا يسمحون لها أن تتحول الى هيئة شاملة. والسبب ليس فقط في نقص هيئاتها ومؤسساتها التنظيمية بل في وجود مؤسسات أخرى تسعى الى ايجاد تحالفات سياسية مختلفة".
وعن العلاقات مع حلف الناتو اشار بوتين الى ان " الناتو أيضا لا تستطيع تجد بأي شكل مبررا لوجوده... ويحاولون اليوم إيجاده على أساس عولمة بعثة الحلف بما فيه الانتقاص من صلاحيات الأمم المتحدة التي تحدثت عنها عن طريق استمالة أعضاء جدد... ومن الواضح أن ذلك لن يحل المهمات الموضوعة... يتحدثون عن إمكانية تبديل انتشار الناتو إلى الشرق بشيء آخر ... أعتقد أن كل ذلك ضرب من الخيال". وعبر مدفيديف عن قناعته بان الاصرار على توسيع الناتو سيضر بالعلاقات بين روسيا والحلف الاطلس حيث قال " في هذه الحال أنا على قناعة بأن علاقتنا بالحلف ستنسف وستدهور بشكل كبير إلى مدى بعيد جدا... من الواضح أنه لن تكون هناك مواجهة ولكن ثمن القضية سيكون مرتفع جدا. إن ذلك سيأتي بضرر كبير جدا. من الصعب إيجاد مثالا آخر لتوافق المصالح الأمنية بين الناتو وروسيا كما هو الحال في أفغانستان". وذكر مدفيديف ان روسيا تساعد " بشكل فعال شركائنا العاملين في هذا البلد. وقد قمنا بخطوة مهمة في قمة روسيا الناتو في بوخارست عندما انتفقنا على النقل البري للحمولات غير العسكرية عبر الأراضي الروسية... والآن ننهي العمل على الاتفاقات الخاصة باستخدام النقل الجوي العسكري الروسي... إن روسيا توسع إمكانية تحضير الكوادر لأجهزة مكافحة المخدرات والإرهاب في الأفغانية... وهذا هو المجال الذي يجب تكثيف العمل فيه". واضاف مدفيديف كل ذلك مهم للغاية من أجل القيام بالمهمات الموضوعة من قبل المجتمع الدولي المتمثلة بمجلس الأمن... هل من الضروري وضع هذا التعاون على المحك تماشيا مع مصالح تحالفية... أنا على قناعة بأنه لن نتقدم في قضية إنشاء أوروبا الكبرى دون الاستيضاح المفتوح والمخلص لجميع المخاوف الموجودة لدينا الآن... وإذا استطاع سابقونا في ظروف الحرب الباردة إعداد وثيقة هلسنكي الختامية كقاعدة قانونية لتنظيم أوروبا الذي اجتاز تجربة الزمن فلم لا نقوم اليوم بالخطوة التالية ألا وهي إعداد وتوقيع اتفاق أمن أوروبي ملزم قانونيا... بحيث يستطيع أن يكون من بين فرقائه منظمات ناشطة في المجال الأطلسي الأوروبي".
من جهة اخرى قال مدفيديف ان الفضاء الاطلسي الشمالي يجب أن يكون موحدا من فانكوفر حتى فلادفوستوك مؤكدا ان القضايا الاوروبية لا يمكن حلها الا اذا توفرت الوحدة العضوية بين مكوناتها.كما اشار الرئيس مدفيديف الى ان روسيا وضعت اسس دولتها الجديدة المتطابقة مع أجزاء اوروبا الاخرى وهي تخلت عن النظام السوفييتي وعادت من انطوائية (برودة عزل) دامت 100 سنة وانها الان تعود الى السياسة العالمية والاقتصاد العالمي بكل ما لديها من الموارد الطبيعية والمالية و العقلية.
حرية الصحافة في روسيا
أعلن مدفيديف أن حرية الصحافة بحاجة الى الحماية وقال رئيس الدولة انه منذ سنوات احتاجت الصحافة الى الحماية من الاستعباد من قبل الشركات الخاصة أما الآن فتحتاج الى الحماية من الضغط الاداري بكافة المستويات.
وأشار مدفيديف الى أن الانترنت والتقدم التقني على كل حال يوصلنا الى حرية الصحافة بمستوى عالمي وليس بمستوى روسيا فقط وذكر ان عدد مستهلكي الانترنت في عام 2000 في روسيا كان يساوي حوالى 3 ملايين شخص. اما في العام الماضي فازداد هذا العدد عشرة أضعاف ويستمر في الازدياد.
" في هذه الظروف تفقد قضية حرية الصحافة الحاحها فيما تظهر قضية اخرى وهي الاحتفاظ بالقيم الاخلاقية والثقافية في هذا الفضاء الإعلامي وذكر الرئيس ان هذه القضية ليست قومية بل أوروبية وعالمية؟
وعلاوة على ذلك رفض مدفيديف هذا الاسبوع تعديلات مقترحة لقانون وسائل الإعلام والتي قضت بامكانية إغلاق صحيفة إذا اتهمت باختلاق افتراءات واثار هذا القانون حفيظة بعض الحقوقيين في روسيا والعالم.
ومن جهة اخرى وعد مدفيديف بان جميع الجرائم بحق الصحفيين سيتم التحقيق فيها متى ما ارتكبت.
وفي الاونة الاخيرة ارتكبت سلسلة من الهجمات والاعتداءات على الصحافيين وتقول منظمة "صحافيون بلا حدود" الدولية إنه قتل في روسيا في فترة ما بين عامي 2000 و2007 21 صحافي وبين الاغتيالات التي اثارت اصداء واسعة لدي الرأي العام اغتيال رئيس تحرير مجلة"فوربس" الروسية بول خليبنيكوف الذي قتل في 8 يوليو/تموز 2004 واغتيال صحافية "نوفايا غازيتا" انّا بوليتكوفسكايا التي قتلت في 7 أكتوبر/ تشرين الاول عام 2007
لايوجد تبرير للقيود المفروضة على الاستثمارات الروسية في أوروبا
اكد مدفبدبف على العودة القوية لروسيا الى المجتمع الدولي ودورها الفعهال في السياسة والاقتصاد حيث عبر عن ذلك قائلا "ان روسيا اليوم عادت من الصقيع. عادت بعد 100 عام من انعزالها وابعادها عن الساحة الدولية، وهي الان ترجع بشكل فعال الى السياسة والاقتصاد العالميين وبكل امكانياتها وموارد داخلية ومادية وفكرية.
يعتقد الرئيس الروسي دميتري مدفيديف أن القيود على الاستثمارات الروسية في المؤسسات والمشروعات الاوروبية غير مبررة.
وقال مدفيديف : "تهتم أوروبا موضوعياً بتوسيع ابعاد ونوعية الاستثمارات الروسية. ونحن ننوي دعم وبشكل ملموس الشركات التي تستعد لتحويل رأسمالها بصورة متحضرة وتعمل على تنظيم مشترك لإنتاج واعد وجديد".
وحسب تعبيره فان امثلة التعاون الناجح كهذا يمكننا ملاحظتها في مجالات حساسة مثل الطاقة الذرية ومجال الفضاء والطيران وصناعة النقل. وأضاف قائلا: " اليوم ثمة عقبات غير مبررة، من وجهة النظر السياسي والاقتصادي على حد سواء، بالنسبة للاستثمارات الروسية في المصانع والمشروعات الاوروبية ".
وحسب قوله فان روسيا تسعى لترتيب قواعد اللعبة الواضحة، مضيفا انه بالاخص يجري إنشاء نظام الأفضلية بخصوص رجال الاعمال الاجانب الذين يقومون بتطوير المصانع ذات التكنولوجيات العالية في روسيا. واعلن مدفيديف " ويحق لنا ان ننتظر من شركائنا في اوروبا مثل نفس الموقف".
روسيا تراهن على تحديث الاقتصاد
كما اعلن الرئيس الروسي أن التحديث متعدد الجوانب لقطاعات الصناعة الرئيسية والبنية التحتية يعتبر أسايا للسياسة الاقتصادية الروسية. وقال "في اساس سياستنا طويلة الأمد الجديدة – التحديث متعدد الجوانب وكامل القيمة لقطاعات الصناعة الرئيسية والبنية التحتية. في جوهر الأمر يدور الحديث عن ثورة في التكنولوجيا".
وحسب قوله فإن هدف روسيا يتلخص ليس فقط في نهضة الاقتصاد النوعية بل في التحويل النوعي للمكونات الاجتماعية للمجتمع الروسي بما في ذلك دعم الطبقة المتوسطة المتنامية بوتيرة سريعة.
كما أعلن مدفيديف ان القيادة الروسية تولي أهمية كبيرة لتحسين المنظومة السياسية وتطوير مؤسسات المجتمع المدني في روسيا الاتحادية. واشاد بدور كبير لقانون الانتخابات المتجدد في بناء منظومة حزبية مستقرة وواضحة.