من هي الشخصية المفتاحية التي خططت لإسقاط البشير؟ وهل أزيح بثورة أم بانقلاب؟

أخبار العالم العربي

انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/myea

بلغت الاحتجاجات على سوء الأوضاع المعيشية ذروتها في السودان، والخرطوم على صفيح ساخن.

وقود الاحتجاجات التي بدأت خجولة في أسبوعها الأول هو الشباب، هكذا كانت الحال قبل سنة تقريبا من الآن إذ انطلقت ما ستعرف لاحقا بثورة السودان.

الأخ المشير عمر حسن أحمد البشير، هكذا وجهني أحد معاوني الرئيس السابق وأنا أهم بالدخول عليه لإجراء مقابلة مصورة على هامش القمة العربية التي انعقدت في العاصمة الموريتانية نواكشوط، طالبا ألا أنادي البشير بوصف آخر.. سأكتشف لاحقا أنه ـ أي البشير ـ أكثر مسؤول سوداني تعاونا مع الإعلام وانفتاحا عليه، ذلك أنه كان يخاطب السوادنيين بشكل دائم ونادرا ما يرفض مقابلة الصحفيين.

أما الآن فإن لقاء رؤساء حكومات الدول الغربية قد يكون حرفيا أسهل من لقاء مسؤول سوداني، فالكل على أعصابه، والتيارات المتضاربة كموج الأطلسي في داخل الدولة تضاعف من حالة الحذر. حتى مجرد التصوير في الأماكن العامة قد لا يكون بالسهولة المتصورة على الإطلاق.

تحقيقنا الأول ضمن برنامج تحقيقات "آر تي" في موسمه الجديد اختار موضوعا شائكا وصعبا، هو محاولة البحث عن مفاتيح ما حدث في الحادي عشر من أبريل إذ قرر مقربون من الرئيس السوداني تنحيته من السلطة تحت ضغط احتجاجات شعبية تبعد عن مسكنه أمتارا قليلة.. صحيح أن المعلومات حول ما دار بينه وبين الضابطين الذين أبلغاه الأمر بات معروفا، إذ حكاه رئيس المجلس السيادي الحالي عبد الفتاح البرهان الذي كان أحدهما، غير أن ما سبقه من ظروف وممهدات يضطرب بين كونه تحليلا وشائعة. لذا قررنا البحث أكثر.

في أثناء إنجازنا للعمل ميدانيا كنا على بعد خطوة من دخول بيت الرئيس السوداني السابق في منطقة كافوري الراقية، ثم فجأة أخبرنا بأن ذلك من المحاذير.. ممن؟ لا أحد يدري. كذلك الحال بالنسبة لأشياء أكثر بساطة كتصوير الأسواق والشوارع العامة واستطلاع آراء الناس، كل ذلك يصطدم في مرحلة من المراحل بـ"الجهاز" (جهاز الأمن والمخابرات العامة) أو قطاعات عسكرية أخرى، والتي يبدو أنها بعد إعادة تشكيل بعضها ما زالت تتنازع بعض الصلاحيات.

لعل أقرب وصف للشارع السوداني بعد تنحية البشير هو الانقسام، فمن يعلنون إعجابهم بالرئيس السابق صراحة فئة ليست بالقليلة ويعتقدون أنه لم يكن يستحق هذا المصير، في مقابل أولئك غاضبون منه غالبيتهم يغيظها أنها ولدت وتربت وكبرت في عهد البشير دون أن تشهد أي تغيير، وهذه صورة مغايرة تماما لما تشكل لدى المتابعين للشأن السوداني من الخارج الذين يرون أن الشارع السوداني كله انقلب على البشير وضغط عليه.

على كل حال، يبدو أن البشير وإن غادر إلا أنه ترك في دوائر الدولة آلاف الموظفين ممن لا يزالون مؤمنين به كرئيس، وممتعضين من محيطه، خاصة بعض معاونيه الأقربين الذين يتهمون صراحة بالوقوف وراء تشديد الضغط على البشير والاستثمار في حالة الاحتقان تمهيدا لتنحيته.

عشية تنحيته كان البشير يشاهد مباراة برمنغهام سيتي وشيفيلد يونايتد ضمن دوري البطولة الإنجليزية، فهو مشجع مولع بكرة القدم يميل لأن يشجع دوليا نادي بايرن ميونخ الألماني، وسودانيا النادي الأهلي، في هدوئه ذاك وهو يتابع المباراة لم يكن البشير يعلم أن اللجنة الأمنية التي أوكل إليها إيجاد حل للاحتقان الشعبي القائم عزمت أمرها أو تكاد بأن إزاحته هي الحل.

متثاقلا يمضي الوقت في الخرطوم بعد نحو عام على الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر حسن أحمد البشير، فباستثناء مطعمين من الماركات الدولية المشهورة لا يظهر أي تغير في شكل العاصمة.. زحام المرور نفسه، واهتمامات الناس ذاتها.. المتغير الأبرز والواضح هو أن شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك أكثر تأثيرا على تطورات السياسة وشخصيات الدولة المدنية والعسكرية من أي عامل مؤثر آخر.

محمد بدين

 

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا