هل يصعب على الموسيقات العسكرية العربية عزف النشيد الوطني الروسي؟

الثقافة والفن

انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/mjnn

نالت مقاطع فيديو لعزف النشيد الوطني الروسي في السعودية والإمارات قسطا كبيرا من التعليقات حول أوجه القصور في عزف النشيد من تلك الفرق، فما السبب، وهل يمكن تلافي هذا القصور؟

لقد علق المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، على الضجة الإعلامية والجدل بهذا الشأن، بتفهم ودبلوماسية قائلا إن هناك "مبالغة في التعاطي مع مسألة عزف النشيد بطريقة غير مرضية"، وأشار إلى أن الأداء "ليس من قبل أوركسترا سيمفوني كبير، ومع ذلك فقد حاول الجانب الإماراتي والجانب السعودي باجتهاد".

لكن تكرار الواقعة مرتين على الأقل (وقبلهما في مصر ثم في سوريا)، يدعو للتساؤل ما إذا كان النشيد الوطني الروسي تحديدا هو "لب المشكلة"، وماذا عن سائر المقطوعات التي تضطر هذه الفرق إلى عزفها أحيانا؟

تتميز الموسيقى الشرقية عموما باعتمادها على اللحن المنفرد (الخط اللحني الواحد) الذي تلتقطه الأذن الشرقية، وتتعرف عليه، ويحرك داخل النفوس مشاعر وأحاسيس تتنوع بين الوطنية والمجد والغموض والشجن والحب وغيرها. وهو ما يختلف عن الموسيقى الغربية والكلاسيكية التي تعتمد إلى جانب اللحن، على مصاحبة التآلفات "الهارموني"، ومهارات تعدد الأصوات "البوليفوني"، وأسلوب اللحن واللحن المضاد "الكونترابنط".

بمعنى أن الموسيقى الشرقية، التي بدأت رحلتها مع التدوين الموسيقي المحترف فقط في القرن العشرين، تعتمد بشكل أساسي على الشفهية والارتجال في التلقي والأداء وحتى في مناهج التعليم، بينما تعتمد الموسيقى الغربية على التدوين الموسيقي، والقدرة على قراءة المدونات الموسيقية المعقدة، حيث بدأ التدوين الغربي الذي نعرفه الآن في القرن السابع عشر.

لهذا السبب يستند الأداء في الفرق العسكرية (عالميا) شأنه في ذلك شأن العزف في الأوركسترا السيمفوني على قراءة المدونة الموسيقية، وهو ما يتطلب بالتأكيد حدا أدنى من التعليم الموسيقي، على الأقل للتمكن من قراءة النوتة الموسيقية، وعزف الآلة.

ويأتي التدريب على الآلة الموسيقية بعد دراسة طويلة ومنهجية لمقررات مواد "الصولفيج" و"القراءة الوهلية" و"نظريات الموسيقى" و"تاريخ الموسيقى" و"تاريخ الآلات الموسيقية" و"البيانو المصاحب" وغيرها من المواد التي لا تتوفر سوى في معاهد ومؤسسات تعليمية موسيقية متخصصة.

ثم يأتي بعد ذلك العزف في فرق موسيقية، تحت إشراف وقيادة قائد الأوركسترا (العسكري في هذه الحالة) الذي يتكون من مجموعة الآلات النحاسية (ترومبيت، ترومبون، كورنو، توبا) ومجموعة آلات النفخ الخشبية (فلوت، أوبوا، كلارينيت، فاغوت)، وآلات الإيقاع باختلافها.

من هنا يمكن فهم صعوبة عزف النشيد الوطني الروسي لفرق موسيقات عسكرية في السعودية أو الإمارات أو مصر، على الرغم من وجود كوادر موسيقية، ومواهب موسيقية متميزة ومحترفة في هذه الدول وفي المنطقة العربية ككل، إلا أن عدم توفر المعاهد الموسيقية المتخصصة بالقدر المطلوب، وفي الأماكن المطلوبة، وربما عدم الاستعانة بالمعاهد الموسيقية المحترفة، الموجودة فعليا في بعض الدول العربية، في تدريب الفرق العسكرية هو ما يؤدي لمقاطع الفيديو التي انتشرت على نحو واسع لهذه الفرق.

نأمل أن يحمل المستقبل القريب، وفقا لـ "رؤية 2030" في المملكة العربية السعودية، ورؤى مشابهة في دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرهما من دول المنطقة، تقدما واعدا في هذا المجال، بعد أن بدأت بالفعل بوادر إحداث تغييرات حقيقية في بنية المجتمعات الخليجية، وهياكل الثقافة بها، بمعدلات متسارعة.

المصدر: RT

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا